إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

سبحان الله والحمد لله والله أكبر

الاثنين، 19 ديسمبر 2011

الرُشـد في القـرآن الكريم

الرُشـد في القـرآن الكريم


ورد لفظ الرُشد بصيغ وتراكيب مختلفة في القران الكريم ومنها الـَرشَد , الرشاد , المُرشد , الراشدون .
ولغرض دراسة هذه الموارد لابد من معرفة اصل هذه الألفاظ وحركتها بالاستعانة بمعاني الأصوات من اللغة الموحدة ومقارنتها بالموارد القرآنية التي وردت فيها وبيان علة استخدامها ان أمكن في مواضعها . على ان الفهم التام لهذه الالفاظ يبقى بعيدا عمن هو دون الحامل لهذا العلم من ذي علم . وما نصل اليه هو الطاف او انوار من معاني هذا اللفظ ففي احدى الروايات عن وارث علم النبيين - صلى الله عليه وسلم الامام علي - رضى الله عنه -  في معنى حرف الباء : ( لو ثنيت لي الوسادة لاوقرت اربعين بعيرا من حرف الباء ) فما بالك بلفظ يتكون من ثلاثة او اربعة اصوات فسبحان الله خالق الاصوات ومبينها للعالمين في كتاب فيه تبيان لكل شيء .

اذن لنبدأ بصيغة رَشَدَ والمعنى الحركي لها وما تعنيه حسب معاني الاصوات في اللغة الموحدة :

ر ـءَ ـ ش ـءَ ـ د ـءَ : الراء تكرار منظم واستحضار لجميع الحركات، لأن الصوت الاول في اللفظ منفتح على جميع الحركات في الطبيعة. والفتحة هي جزء من حركة الألف، وهي تعطي صفة الزمان والمكان للحركة، فالحركة عامة.

الشين: تشعب الحركة الى وجه آخر بشكل ظاهر والدال اندفاع إلى أقصى مدى ممكن .

ومعنويا: اذا كانت لدينا مجموعة قوانين عامة لكل زمان ومكان فإمكانية صياغة نظام أو تشريع عام منها يصح لكل زمان ومكان الى أقصى مدى ممكن يتناغم مع حركة رَشَد .

عمليا لاتوجد مثل هذه القوانين الصحيحة لكل زمان ومكان غير قوانين وتشريعات الباري عز وجل فهي قوانين الحق من الحق لإحقاق الحق فالقتل مثلا جريمة يعاقب فاعلها المتعمد بجهنم منذ خلق ادم -عليه السلام -  وقتل قابيل هابيل الى يومنا هذا والى يوم القيامة والدين عند اللة عز وجل هو الإسلام لاغير فكل الأنبياء مسلمون.

( إن الدين عند الله الاسلام )
ال عمران / 19

هذه القوا نين إذا وجهت لخدمة هدف معين بشكل ظاهر في كل زمان ومكان وهو التسليم لله رب العالمين والتفاني بتنفيذها الى أقصى مدى ممكن هو رَشَدْ ومن الموارد القرانيه لهذا التعاقب وبقية الصيغ :
1 . قوله تعالى : ( فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) 186 / البقرة .

2 . قوله تعالى : ( لا اكراه في الدين قد تبين الرُشد من الغي ) 256 / البقرة

3 . قوله تعالى : ( إنا سمعنا قرانا عجبا يهدي الى الرُشد فامنا به ) 2 / الجن .

4 . قوله تعالى : ( وإن يروا سبيل الرُشد لايتخذوه سبيلا ) 141 / الاعراف.

5 . قوله تعالى : ( فإ ن انستم منه رُشدا فادفعوا اليهم اموالهم ) 6 / النساء .

6 . قوله تعالى : ( قال له موسى هل اتّبعك على ان تعلمني مما علمت رُشدا ) 66 / الكهف .

7 . قوله تعالى : ( ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ) 17 الكهف .

8 . قوله تعالى : ( ومن يضلل فما له من هاد ) 33 / 40 .

9 . قوله تعالى : ( وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان اولئك هم الراشدون ) 7 / الحجرا ت

بالنسبه للموارد 7، 8 يمكن الربط بين الولي المرُشد والهادي فالهادي هو الولي المُرشد ويمكن التعّرف عليه من الرجوع الى موارد الولي والهادي .
ففي قوله تعالى :

(إنما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ).


والصيغة الاخرى ـ رَشيد :

ان دخول الياء بعد الشين في رَشدَ يعطي ديمومة واستمرارية للصفة ( لان الياء عنصر الزمان ويعطي هذه الامكانية اقصد الديمومة للفظ او التعاقب الذي يظهر فيه ) ولذلك جاء المورد :
( قالوا يا شعيب اصلواتك تامرك ان نترك ما يعبد ابائنا أو نفعل في اموالنا ما نشاء انك لانت الحليم الرشيد )
هود / 87
حيث ان شعيب -عليه السلام - دائم الرَشَدْ وعلى عكس فرعون ( وما امر فرعون برشيد ) فامر فرعون دائما ليس برشيد .
والفرق بين راشد ورشيد هي ان الرشيد صفة دائمة اما الراشد فيكون في امر معين ولوقت دون وقت .

أما صيغة رُشد :

وهي على وزن فُعل وهو محدد بمكان يشير إليه لوجود الضمة ( الضمة حركتها جزء من حركة الواو عنصر المكان ) على فاءه وهو احادي الشخصية، وان الاسم يصاغ لشخص أو لشيء مفرد واحد في وجوده ـ ولذلك استخدم الرُشد مع ابراهيم - عليه السلام -  :
( ولقد اتينا ابراهيم رُشده من قبل وكنا به عالمين ) .
لان ابراهيم عليه السلام -  كان وحده امة كما يصرح القران بذلك وله خصوصية .

ومن موارد الرُشد ايضا :

ـ (لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)
ـ (انا سمعنا قرانا عجبا يهدي الى الرُشد فامنا به )
ـ ( وان يروا سبيل الرُشد لا يتخذوه سبيلا )

اذن فالرُشد قد تبين والقران يهدي إليه وله سبيل وسبيله كما سبق هو الولي الهادي المرشد .

ـ (قال له موسى هل اتبعك على ان تعلمني مما علمت رُشدا )

فطلب موسى  عليه السلام -  رُشداً كان خاص بالعبد الصالح  عليه السلام -  وقد يكون العلم اللدني الذي آتاه الله (وآتيناه من لدنا علما ) .

ـ
( فان آنستم منهم رُشدا فادفعوا اليهم اموالهم ) .

حدد بعضهم الرُشد بما بعد الاحتلام ولكن الاية تامر بدفع الاموال ان كان لليتيم رُشد يؤنسه منه الوصي وان لم يبلغ وان لم يحتلم .

اما صيغة رشاد فوردت مرتين في القران :

ـ (قال الذي آمن يا قوم اتبعوني اهدكم سبيل الرشاد )
38 / غافر

ـ (قال فرعون ما أريكم الا ما ارى وما اهديكم الا سبيل الرشاد )
39 / غافر

فالضمة في صيغة فُعل للمكان بينما الفتحة في صيغة فعال تشير الى احتواء الزمان والمكان والالف هو فاعل الحركات ودخوله بعد الحرف الثاني افاد تنشيط الحركة وصاغ اسم يتسم بالفاعلية والنشاط وتتكررالحركة كلما دعت الحاجة إليها كما في اللغة الموحدة .

والفرق بين سبيل الرُشد وسبيل الرشاد ان الرُشد محدد بمكان معين لوجود الضمة والرشاد لكل زمان ومكان لوجود الفتحة وذو فاعلية ونشاط لوجود الالف .
وفرعون في المورد اعلاه كاذب في قوله ( اهدكم سبيل الرشاد ) لان الذي يهدي لا يضلّ، وقد صرح القران بان فرعون اضل قومه ( واضل فرعون قومه وما هدى ) وكان من الخاطئين وانه طغى وان امره ليس برشيد؛ لانه كان يذبّح الاطفال ويستحيي النساء ويدّعي الالوهية والربوبية العليا.. الخ من صفاته التي ذكرها القران الكريم .

ليست هناك تعليقات:

« كَفَّارَةُ المَجْلِسِ »

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ في مَجْلِسِهِ ذَلِكَ » .