إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

سبحان الله والحمد لله والله أكبر

الأحد، 11 ديسمبر 2011

الإنسان في العقيدة الإسلامية

الإنسان في العقيدة الإسلامية
الكاتب الأستاذ الدكتور / طه حبيشي
الجانب الإنساني في العقيدة الإسلامية

تمهيد

ــ
كما كان الحديث عن الجانب الإلهي من العقيدة الإسلامية كنا نشعر بصعوبة الموضوع ونلمس كثرة العراقيل فيه.
وقلنا هناك : إن هذا له سبب معقول ومفهوم ، فالألوهية أو الإلهيات مسائل تتصل بالله عز وجل أي أن موضوع هذه المسائل فوق التصور وفوق أن تحيط به الأفهام.
ونحن الآن نعتزم بمشيئة الله أن نتحدث عن الجانب الإنساني من العقيدة الإسلامية.
وقد يكون الأمر لو أن تناولنا الإنسان في جانبه المحسوس لو أننا درسناه ـ مثلاً ـ من حيث وظائف أعضائه أو مكوناته الجسمية، ولكن الأمر يزداد صعوبة مع شئ من الفهم إذا نحن حاولنا أن ندرس سلوكه وضوابط هذا السلوك.
ونقرب المسألة من الاستحالة لو أننا تعدينا ذلك إلى حد محاولة فهم أمور عن الإنسان ليس لها طريقً وليس لها سبلً فجاجً يمكن أن نسلكها كي توصلنا إلى نتائج في بحث تلك الأمور التي ليس لعقولنا بها طاقة.
وعلى سبيل المثال قد نتشوق بدافع حب البحث العلمي والرغبة الذاتية في الحصول على النتائج بمجهوداتنا الشخصية أن نبحث موضوع بذاته خلق الإنسان كيف خلق ومم خلق ومتى خلق ؟ والكيفية التي كان عليها الإنسان الأول يوم أن خلق ووظيفته في الحياة يوم بداية خلقه ... إلى غير ذلك من المسائل التي تتعلق ببداية خلق الإنسان .
قد يحاول الإنسان هذه المحاولة في حالة من الزهو العلمي والاعتزاز بالذات.
وهو حين يحاول ذلك يجد أمامه كل السبل مسدودة فيما عدا دروب التكهنات ومسالك معوجة تسبح الخيال الذي يشبه ضرب الأقداح في عالم الاقتراع.
وقد يحاول الإنسان محاولة أخرى، قد يحاول أن يتعرف على مصيره بعد الموت، وهل ستكون هناك حياة أخروية أم لا وإن كانت فكيف يكون شكلها وما هي الضرورة الملجئة إليها وما نوع الثواب والعقاب فيها وهل هي دائماً أو موقوتة ... إلخ.
وهو حين يحاول هذه المحاولة يجد أمامه طريقاً مسدوداً يشبه نفس الطريق التي وجدها في محاولته الأولى.
وقد يحاول الإنسان محاولة ثالثة ، يحاول أن يضع لنفسه تشريعاً يضبط سلوكه في الحياة وينظم حياة الجماعة مع الفرد وحياة الفرد مع الجماعة.
وهذه المحاولة الثالثة حين يحاولها الفرد أو تحاولها الأمة تكون بالنسبة للأمة وإلى الأفراد أكثر إغراءاً بالاستمرار من المحاولتين السابقتين عليها فيبدأ الفرد وتبدأ الأمة في التشريع ولكن الفرد أو الجماعة يصطدمان بالواقع حين إرادة التطبيق.
فحين يريد الفرد أو تريد الجماعة أن تحول قوانينها النظرية إلى واقع عملي نابض بالحياة تصطدم هذه المحاولة برغبات الآخرين الذين قاموا بمثل ما قامت به الجماعة هذه من محاولة للتقنين والتشريع.
وتتعارض الرغبات وتتصارع وتزداد حدة الخلاف حين يظهر على السطح شعور بالاعتزاز وحين يبدو للناظرين شعور المشرعين جميعاً بذاتهم كل يريد أن يفرض على الجماعة هواه وكل يعتقد أن الحق عنده.
وقد سبق لنا تفصيل ذلك وبسطه في القسم الأول من هذا الكتاب مما يغنينا عن إعادته هنا إلا بمقدار الذكرى.
ذلك قضايا ثلاث الإنسان في بداية خلقه والإنسان في مصيره ونهايته، وما هو آيل إليه والإنسان فيما بين بيانه الخلق وما ينتهي إليه.
هذه هي القضايا الثلاث التي نعتزم بحول الله تعالى أن نجعلهن موضوع الدراسة والملاحظة في هذا القسم الثالث .
وتبرير القضية الأولى والثانية واضح لا سترة به أما أن ندخل قضايا التشريع في العقيدة وهو موضوع القضية الثالثة ، فإن هذا أمر يظهر لنا على أنه شاذ في مكانه غريب في بيئة غيره.
غير أن هذا الإشكال ترتفع حين نقول : إننا لن نتحدث عن التشريع باعتباره قضايا ومسائل تحتاج إلى أحكام تقترن بها، ولن نتحدث عن التشريع باعتباره تمهيدات ومداخل تمهد لمسائله وقضاياه الفرعية ولن نتحدث عن التشريع باعتباره أصولاً ترينا كيف نستنبط الأحكام، لن نتحدث عن التشريع من خلال هذه الاعتبارات جميعاً، فإن التشريع بهذه الاعتبارات له رجاله وله فرسانه وله جهابذته المتخصصون فيه فهم يدرسونه علماً مستقلاً وبناءاً متكاملاً.
غير أن هذا البناء يحتاج إلى أساس ويحتاج إلى نقطة ارتكاز ونقطة الارتكاز فيه هي الإشارة إلى مصدر التشريع والكشف عن حقيقة من له حق التشريع، وبيان أن هذا الحق ليس حقاً تعسفياً وإنما هو لصالح بني الإنسان جميعاً.
وهذه النقطة الأخيرة نقطة الارتكاز في التشريع موضوعها العقيدة وهي تدخل فيه دخولاً أولياً يسبق كل موضوع من موضوعات التشريع إلى الدخول في باب العقائد.
وإذا استطعنا من خلال عرضنا لهذا الموضوع أن تكشف بالدليل عن أن الله عز وجل هو وحده الذي يتولى أمر التشريع باعتبار أن التشريع قضية تتجاذبها الأهواء ويختلف الناس ويعتز كل إنسان برأيه فتقع الإنسانية في حرج . فلما أراد الله أن يرفع الحرج عن الناس في قضايا يتأتى فيها الخلاف اختص نفسه بالفصل فيها ليرحم الإنسانية من قسوة الخلاف بينما ترك لهم أن يتوصلوا بأنفسهم إلى اكتشاف قوانين الطبيعة والحياة التي لا يتأتى فيها أي خلاف.
==================================
عقيدتنا

ليست هناك تعليقات:

« كَفَّارَةُ المَجْلِسِ »

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ في مَجْلِسِهِ ذَلِكَ » .