إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

34,191
سبحان الله والحمد لله والله أكبر

الاثنين، 12 ديسمبر 2011

فتح البيت الأبيض .. كتائب الأهوال تسيرعلى الماء.. تصارع الأسود والأفيال..عفاريت

فتح البيت الأبيض .. كتائب الأهوال تسيرعلى الماء.. تصارع الأسود والأفيال..عفاريت
القادسية

إعداد الفقير إلى الله أبو مسلم وليد برجاس
صفحة من صفحات المجد , كتبت بحروف من نور، فى أرض الأمجاد والفتوح ؛
في العراق الحبيب، سُطرت أروع صفحات التاريخ , من البذل والفداء لهذا الدين العظيم.
فالقادسية (1)مايزال حديثها *** عبر تضيء بأطيب الألوان .
تحكى مفاخرنا وتذكر مجدنا *** فتجيبها حطين بالمنوال .
صفحات مجد في الخلود سطورها *** دان الرجال لها بغير جدال .
ما أحوجنا معشر المسلمين لمن يعيد بنا الثقة بعد أن لهثت الآمة وراء كل ناعق وتجرعت من الذل الهوان.
أنت تدرى أيها الحيران عنا*** كيف فوق الشمس أزمانا حللنا.
كنا جبالا فى الجبال وربما***سرنا على موج البحار بحارا.
إن أمتنا قد تمرض ولكنها لا تموت, تخبو شعلتها ولكنها لا تنطفىء .
مهلا حماةَ الضَيْمِ إنَّ لِلَيلِنا *** فجرًا سيطْوِي الضَيمُ في أطمارهِ.
كيف وقد قال الله :"كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى إِنَّ ٱللَّهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ [المجادلة:21].
ومن زعم أن النصر لا يتحقق إلا بالمعجزات فقد كذب , بل بالعمل والبذل لهذا الدين والنصر لمن يستحقه
النصر لم ينزل على متخاذل *** والرزق لم يُبعث إلى متواكل.
اهدر بصوتك مجلجلا يصم الآذان.. لنا الفجر الآتى مثلما كان لنا الماضى الزاهر .
يا دجلة هل سجلت على *** شطيك مآثر عزتنا.
أمواجك تروى للدنيا *** وتعيد جوانب سيرتنا.
الكون يزول ولا تمحى*** فى الدهر صحائف سؤددنا.
القادسية أعظم المعارك فى التاريخ
1- القادسية حازت قصب السبق من البطولات التى لا مثيل لها وكانت أعظم أثرا في تاريخ الإنسانية من كل الغزوات في عصرنا الحالي ، وقد كشفت عن معدن (سعد بن أبى وقاص ) النفيس وفرط شجاعته وقد تحالفت الأمراض عليه ومنعته من الركوب بل الجلوس أيضا وأخذ يباشر القتال ويدير المعركة من قصره .
2- لم يلق المسلمون في جميع حروبهم مقاومة أعنف مما لقوا من الفرس في هذه المعركة - باستثناء بلاط الشهداء - ؛ فلقد صبروا صبرا عجيبا وغير معهود منهم ، وأظهروا قدرة قتالية فائقة وأجبروا العرب أن يقاتلوا في هذه المعركة أربعة أيام ..فقد المسلمون خلالها ربع قوتهم !!.
3- ليعرف العالم مآثر سلفنا الصالح و لتعد ثقة الشباب بمن حملوا هذا الدين إلينا وكم تعبوا في إرساء دعائم هذا الدين .
وليعلم أنا أمة لا نعرف لليأس مكانا ولا نفقد فى الله الرجاء.
لاتيأسوا أن تستردوا عزكم *** فلرب مغلوبٍ هوى ثم ارتقى.
وتجشموا للعز كل عظيمةٍ***إني رأيت العز صعبٍ المرتقى.
بشارة نبوية بفتح البيت الأبيض
إنها بشارة الرسول e:" عصبة من أمتي يفتحون البيت الأبيض ؛ بيت كسرى ". رواه مسلم وأحمد
فهلم هلم.. لنفتح تلك الصفحة المشرقة
كَرِّرْ عَليَّ حدِيثَهُم يَا حادِي*** فحدِيثُهُم يَجْلُو الفؤادَ الصَّادِي.
القائد الأعلى بطل القادسية
إنه سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه فاتح المدائن و مطفئ نار المجوسية إلى الأبد , أحد العشرة المبشرين بالجنة قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم " هذا خالي ، فليرني امرؤ خاله "..
هو أول من أراق دما في الإسلام بأبي وأمي كان له سلاحان رمح ودعاؤه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" اللهم استجب له إذا دعاك ".
و لما تجهز الفرس لقتال العرب قال عمر رضى الله عنه : " و الله لأضربن ملوك العجم بملوك العرب "
وأراد عمر أن يقود الجيش بنفسه و لكن أهل المشورة صرفوه.
فقال عمر : فأشيروا على برجل .. ثم قال عمر : وجدته ! قالوا : من ؟ قال :" الأسد عاديا في براثنه سعد بن مالك "خال المصطفى" .
وقفت لك الأبطال تصغي في الورى***ووقفت تخطب بالقنا الخطار .
و الخيل تسمع والكتائب صفقت***وترى الجماجم حرقت بالنار .
اجتمع مع سعد رضى الله عنه ثلاثون ألفا وودعه عمر رضى الله عنه و هو يوصيه بتقوى الله و الإكثار من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم .

ورمت الفرس بكل قوة فها هو القائد الأعلى للجيش الفارسي(رستم) يقود الحرب بنفسه ومعه خيرة قواد الفرس الجالينوس على المقدمة ، و الهرمزان على الميمنة و على الميسرة مهران بن بهرام وعلى الساقة البيرزان وكان الجيش مقداره ( 120 ) ألفا و يتبعها مثلها .
طليحة بن خويلد و شجاعة لا مثيل لها ف التاريخ
يبعثه سعد رضى الله عنه في دورية استكشافية ليأتيه برجل من الفرس فيخترق طليحة صفوف الجيش كالصاعقة و يقتل جماعة من الأبطال الذين يعد الواحد منهم بألف و يأسر أحدهم الذي أخبر عن قوام جيش الفرس أنه 120 ألفا و أسلم الرجل و قاتل مع سعد بعد أن رأى من بطولة طليحة ما لم يره في حياته .
رستم و رؤيا صادقة في المنام
قبل المعركة رأى رستم في منامه أن ملكين نزلا من السماء فختما على سلاح الفرس كله ودفعاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعه الرسول إلى عمر بن الخطاب ..
ربعى بن عامر طود من الشموخ الإيمانىّ
قدم ربعي ـ رضي الله عنه ـ على فرس قصير ،عليه ثياب صفيقة ، يحمل رمحه، وقلبه ممتلىء بالإيمان والعزة ودخل على رستم والذى ما ترك طريقة فى الإغراء إلا فعلها أمام ربعىّ ، فزين له مجالسه بالنمارق ، وأظهر اللآلئ والياقوت والأحجار الكريمة ، ولم يزل ربعي ـ رضي الله عنه ـ راكبـًا فرسه حتى داست على الديباج والحرير ، ثم نزل عنها وربطها في قطع من الحرير مزقها ،

صرخوا فيه : ضع سلاحك ، فقال : إني لم آتيكم ، وإنما دعوتموني ، فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت

فقال رستم : ائذنوا له ، فأقبل ـ رضي الله عنه ـ يتوكأ على رمحه فوق النمارق ، فخرق أكثرها ، فقال له رستم : ما الذي جاء بكم
قال ربعىّ : إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه ، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه ، ومن أبى قاتلناه أبدًا حتى نفضي إلى موعود الله
فقال رستم وما موعود الله ؟ قال : الجنة لمن مات على قتال من أبى والظفر لمن بقى ، قال رستم : قد سمعت مقالتك ، فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه وتنظروا ؟ قال : نعم كم أحب إليكم ؟ يومـًا أو يومين ؟ ، قال : لا بل حتى نكاتب أهل رأينا ورؤساء قومنا ، فقال : ما سن لنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن نؤخر الأعداء عند اللقاء أكثر من ثلاث ، فانظر في أمرك وأمرهم واختر واحدة من ثلاث بعد الأجل
قال رستم : أسيدهم أنت ؟ ، قال : لا ، ولكن المسلمون كالجسد الواحد يجير أدناهم على أعلاهم
فاجتمع رستم برؤساء قومه فقال : هل رأيتم قط أعز وأرجح من كلام هذا الرجل ؟ فقالوا : معاذ الله أن تميل إلى شيء من هذا وتدع دينك إلى هذا الكلب ! ، أما ترى من ثيابه ؟
فقال : ويلكم لا تنظروا إلى الثياب ، وانظروا إلى الرأي والكلام والسيرة ، إن العرب يستخفون بالثياب والمأكل ، ويصونون الأحساب .
المغيرة بن شعبة
وبعث سعد رضى الله عنه وفدا من الصحابةمنهم المغيرة بن شعبة لدعوة رستم إلى الله قبل القتال
فقال له رستم : إنكم جيراننا و كنا نحسن إليكم ونكف الأذى عنكم فارجعوا إلى بلادكم ولا نمنعكم تجارتكم.

فقال المغيرة رضى الله عنه : إنما ليس طلبنا الدنيا ، وإنما همنا وطلبنا الآخرة وقد بعث الله إلينا رسولا قال : إنى قد سلطت هذه الطائفة على من لم يدن بدينى فانا منتقم بهم منهم و أجعل لهم الغلبة ماداموا مقتدين به وهو دين الحق لا يرغب عنه أحد إلا ذل ، ولا يعتصم به إلا عز فقال له رستم : فما هو ؟ قال : أما عموده الذى لا يصلح شىء منه إلا به فشهادة ألا إله إلا الله وأن محمد رسول الله و الإقرار بما جاء به من عند الله فقال : ما أحسن هذا !

قال:و أى شىء أيضا ؟ قال : إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد . قال : وحسن أيضا وأى شىء أيضا ؟ قال : والناس بنو آدم منهم أخوة لأب و أم . قال وحسن أيضا
ثم قال رستم :أرأيت إن دخلنا فى دينكم أترجعون عن بلادنا ؟
قال : إى والله ثم لا نقرب بلادكم إلا لتجارة أو حاجة .
حمله على الكبر قومه
وخرج المغيرة وذاكر رستم رؤساء قومه فى الإسلام فصدوا و ندوا قبحهم الله وحملوه على الكبر

وفى اليوم الثالث دخل عليه المغيرة رضى الله عنه وقال كلاما حسنا جميلا فرد عليه رستم : إنما مثلكم فى دخولكم أرضنا كمثل الذباب رأى عسلا فلما سقط عليه غرق فجعل يطلب الخلاص فلا يجده ، ومثلكم كمثل ثعلب ضعيف دخل جحرا فى كرم فلما رآه صاحب الكرم ضعيفا رحمه فتركه فلما سمن أفسد الكرم فاستعان صاحب الكرم بالغلمان ليخرجوه فما خرج لسمنه فضربه حتى قتله فهكذا تخرجون من بلادنا

ثم أقسم بالشمس لأقتلنكم غدا فرد عليه المغيرة : ستعلم وهم بالانصراف فقال رستم : قد أمرت لكم بكسوة ولأميركم بألف دينار و كسوة و مركوب وتنصرفون عنا فقال المغيرة : بعد أن أوهنا ملككم وضعفنا عزكم فسنأخذ منكم الجزية عن يد و أنتم صاغرون وستصيرون لنا عبيدا على رغمكم !
فاستشاط رستم غضبا , وتهيأ الفريقان للنزال .

استهزاء الفرس بالمسلمين
ورأى الفرس أسلحة المسلمين فقالوا : لا يد لكم ولا قوة ولا سلاح ما جاء بكم ؟ ارجعوا ! فقالوا : ما نحن براجعين فأخذوا يضحكون من نبالنا و يقولون : دوك أى مغازل .
وبعث سعد رضى الله عنه طائفة من أصحابه إلى كسرى يدعونه إلى الله قبل الوقعة ، وخرج أهل البلد ينظرون إلى أشكالهم و أرديتهم و نعالهم وخيولهم الضعيفة و يتعجبون كيف لمثل هؤلاء أن يقهروا جيوش كسرى؟

ودخلوا على يزدجرد الذى استهزئ بهيئاتهم و كان قليل الأدب أحمق وقال لهم : ما الذى أقدمكم هذه البلاد ؟
إنى لا أعلم فى الأرض أمة كانت أشقى ولا أقل عددا ولا أسوأ ذات بين منكم .

فقام المغيرة بن شعبة وقال : إنك قد وصفتنا صفة لم تكن بها عالما أما جوعنا فكنا نأكل الخنافس والحيات و العقارب ونرى ذلك طعامنا و أما المنازل فهى ظهر الأرض ديننا أن يقتل بعضنا بعضا و يبغى بعضنا على بعض و إن كان أحدنا ليدفن ابنته حية كراهية أن تأكل من طعامه فبعث الله إلينا رجلا نعرف نسبه ومولده فدعانا فلم يحبه أحد ثم قذف الله فى قلوبنا تصديقه وقال : من تابعكم على هذا فله مالكم وعليه ما عليكم ومن أبى فأعرضوا عليه الجزية ومن أبى فقاتلوه .
فاختر إن شئت الجزية وأنت صاغر و إن شئت فالسيف أو تسلم فتنحى نفسك .
عاصم بن عمرو يحمل تراب الفرس على عاتقه

فقال يزد جرد : لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتك ثم قال إئتونى بوقر من تراب فاحملوه على أشرف هؤلاء !! حتى يخرج من أبيات المدائن ارجعوا إلى صاحبكم فأعلموه أنى مرسل إليه رستم حتى يدفنه وجنده فى خندق القادسية ثم أورده بلادكم لينال منكم أشد مما نالكم من سابور(2)
ثم قال من أشرفكم ؟! فقال عاصم بن عمرو رضى الله عنه : أنا فحملنيه وخرج يحمله على عاتقه ويقول: بشروا الأمير بالظفر ؛ ظفرنا إن شاء الله ودخل على سعد قائلا : أبشر فو الله لقد أعطانا الله مقاليد ملكهم .
ودخل رستم على يزدجرد ، فحكى له فرحا فقال رستم : إنه ليس أحمق و ليس هو بأشرفهم و لكنهم والله ذهبوا بمفاتيح أرضنا !!!

و كان رستم منجما ثم أرسل رجلا وراءهم وقال : إن أدرك التراب فرده تداركنا أمرنا و إن ذهبوا به إلى أميرهم غلبونا على أمرنا و حصل الثانى و استاء الفرس من ملكهم و استحمقوه .
هذا معدن سعدبن أبى وقاص
و يأمر سعد رضى الله عنه بقراءة سورة الجهاد ( الأنفال ) فهشت القلوب وذرفت العيون ونادى منادى سعد فى الجيش : ألا إن الحسد لا يحل إلا على الجهاد فى سبيل الله فتحاسدوا و تغايروا على الجهاد .

وتتحالف الأمراض على سعد فيصاب بعرق النساء و بحبوب ودمامل منعته من الركوب بل والجلوس فاعتلى القصر و أكب من فوقه على وسادة فى صدره يشرف على الناس و أسفل منه فى الميدان ( خالد بن عرفطة ) يرمى إليه من أعلى بالرقاع فيها أمره و نهيه !!
فلك الله أيها الأسد فى براثنه يدير أشرس المعارك و هو منبطح على وجهه و باب داره مفتوح و أقل هجوم لفارس يسقطه فى أيديهم ، دمامله تنبح و تنزف وهو يكبر ويصيح " الزموا مواقفكم لا تحركوا شيئا حتى تصلوا الظهر فإنى مكبر ثلاث تكبيرات فإذا كانت الرابعة فاحملوا وقولوا لا حول ولا قوة إلا بالله .
خلَقَ اللهُ للخُطُوبِ رجالاً *** ورجالاً لقَصْعَةٍ وثَرِيدِ
الخنساء
تقذف بأولادها الأربعة فى معركة واحدة!!
هم أشطار كبدها ،ونياط قلبها ،خرجوا لمعركة القادسية فأوصتهم قائلة :
ياَبنِىّ،إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين والله الذى لاإله إلاهو،إنكم لبنو رجل ٍِواحدٍ،كما إنكم بنوامرأة واحدة،ماهجّنت حسبكم،وماغيّرت نسبكم، واعلمواأن الدارالآخرة خيرمن الدارالفانية،
اصبرواوصابرواورابطوا،واتقواالله لعلكم تفلحون،
فإذارأيتم الحرب قدشمّرت عن ساقيها،وجللت ناراعلى أرواقها،فيمّمواوطيسها،وجالدوا رسيسها تظفروابالغنم والكرامة فىدارالخلد والمقامة
فلما كشّرت الحرب عن نابها تدافعوا إليها وكانوا عند ظنّ إمهم بهم فقتلوا واحدا تلو واحدٍ
فلما وافاها النعاة بخبرهم لم تزد إلا أن قالت :
لحمد لله الذىشرفنى بقتلهم وأرجوا أن يجمعنى بهم فى مستقر رحمته"
ساعة الصفر
واقتربت ساعة الصفر و أسرجوا لرستم فرسه فقفز قفزة واحدة فاستوى على ظهر جواده دون أن يمس حتى الركاب .
وهذا دليل على فروسيته وتمرسه بالحروب فقد كان خبيرا عسكريا قال لجنده عن المسلمين : غدا ندقهم فقال رجل : إن شاء الله فقال رستم فى كبرياء :
و إن لم يشأ , إنما ضغا الثعلب حين مات الأسد قد خشيت أن تكون هذه سنة القرود .
يوم أرماث .. يوم بنى أسد

وهو أول يوم(3) من أيام القادسية الخميس 13 شعبان عام 15 هـجريا ألقت فارس بثقلها على بجيلة أقوى جانب فى مصاف المسلمين و كان قوام الهجوم 52 ألف مقاتل تساندهم 9أفيال و ألقى الفرس حسك الحديد تحت سنابك خيل بجيلة لتعطل عن الحركة و قصفوهم بوابل من نشاباتهم كادت بجيلة أن تبيد,

فأمر سعد أمره إلى أقوى قبيلة ( بنى أسد ) : ذبوا عن بجيلة و كان فى بنى أسد الأسد الضرغام الذى يعد بألف رجل طليحة بن خويلد الأسدى رضى الله عنه فشد عليهم يضرب و يطعن حتى حبست الفيلة وخرج إلى طلحة عظيم منهم فبارز فما لبث طلحة حتى قتله وخرج له ( الجالينوس ) فاعترضه طلحة وجها لوجه فضربه طلحة على رأسه ولكن كان مغفره سميكا فشقه السيف ولم ينفذ إلى رأس ونجا من القتل !! وأظهروا بطولات لم يسمع مثلها .
وفى يوم عماس غامر طليحة و عبر بمفرده نحو الفرس وجاء من وراء جيشهم و صعق بثلاث تكبيرات ارتاع لها الفرس و ظنوا أن جيش الإسلام جاءهم من وراءهم وتفرقوا فى صورة مضحكة وقال طليحة : لا تعدموا أمرا يضعضعكم " ( فهذه بطولة وشجاعة لا مثيل لها فى التاريخ ) .
أولئك النَّاسُ إنْ عُدُّوا وإنْ ذُكِرُوا *** وما سِوَاهُم فَلَغْوٌ غَيْرُمَعْدُودِ
وقد تحملت قبيلة أسد العبء الأكبر في هذا اليوم واستشهد منها حوالي 500 رجل.

بطل القادسية : عمرو بن معد يكرب
يسير رضى الله عنه بين الصفين شاهرا سيفه و يقول رجل لرجل ، ويخرج إليه رجلا من أساورتهم لا تكاد تسقط له نشابه فرمى عمرا فأصابت سية قوسه فحمل عليه عمرو فاعتنقه و أمسكه من حزامه و سحبه من فوق فرسه وحمله ووضعه بين يديه على فرسه هو ثم عاد به إلى صفوف المسلمين فلما اقترب رماه على الأرض بعد أن كسر عنقه ونزل فذبحه وسلبه سوارين من ذهب و أشياء أخرى و قال : هكذا فاصنعوا بهم ..

وفى يوم عماس من أيام القادسية وجه الفرس فيلا تجاه عمرو رضى الله عنه فقال : إنى حامل على الفيل و من حوله فلا تدعونى أكثر من جزر جزور فإن تأخرتم عنى فقدتم أبا ثور ؟
ثم حمل عليهم وحده و أخذ يضرب فيهم حتى سترهم الغبار فانتفض المسلمون إليه ليجدوا الفرس تجمعوا عليه يطعنوه ويطعنون فرسه و مازال السيف بيده يطعنهم و يضاربهم حتى فرجوا عنه فمسك عمروا برجل الفرس فاضطرب فارسهم ووقع وركبه عمرو بدلا من فرسه وذبحه.
أجِّجوها حِمَما وابعَثُوها هِمَما *** قَرِّبُوا مني القَنا قد كَسَرْتُ القَلَمَا

مصارعة الأفيال !!
سلاح لم تعرفه العرب وتهابه الخيل ,مما صعب المهمة على جيش المسلمين و أرسل سعد إلى بنى تميم :ألستم أصحاب الإبل و الخيل ؟ أما عندكم حيلة لهذه الفيلة ؟
قالوا : بلى والله ، فجمعوا أفضل الرماة فى بنى تميم و آخرين لهم مهارة وحركة خفيفة فى القتال ووضع خطة على أساس مشاغلة ركبان الفيلة ثم مهاجمتهما من الخلف فى غفلة منهم .

وفى يوم ( عماس ) استعمل الفرس الأفيال فوجهوها إلى كتائب الفرسان فصارت تفرقهم كيوم أرماث فبعث سعد إلى الفرس الذين أسلموا و انضموا للمسلمين فسألهم هل للفيلة مقاتل ؟ فقالوا : المشافر والعيون لا ينتفع بعدها .
وكان أكبر الأفيال الأبيض و الأجرب و جميع الفيلة تألفهما و تقلدهما .

فأرسل سعد رضى الله عنه إلى " القعقاع و عاصم بن عمرو" رضى الله عنهما اكفيانى الفيل الأبيض " وأرسل إلى حمال بن مالك أمير المشاة و الربيل بن عمرو " اكفيانى الفيل الأجرب " وأوضح لهم الخطة و المقاتل فحمل القعقاع و أخوه وأخذوا يحيرون الفيل حتى ظل متخبطا ثم وضعا رمحيهما فى وقت واحد و تنسيق واحد فى عينيه ، وجلس الفيل على يديه ورجليه و نفض رأسه فألقى سائسه من فوقه ودلى خرطومه فاستل القعقاع سيفه وقطع خرطوم الفيل وسقط من كان فى التابوت فوقه فقتلتهم كتيبة القعقاع وعاصم .

وفى نفس الوقت كان "حمال والربيل" ينفذان نفس الخطة فخرجا فى خيل و مشاة وأحاطوا بالفيل الأجرب عن عينيه وشماله ليحيروه وانشغل السائس بالأربطة التى تعقدت و تقطعت من قتل الأفيال الأخرى إذ بحمال و الربيل يغمزان فرسيهما فى وقت واحد حتى إذا قاما على أطراف حوافرهما فيسددان إلى الفيل رمحيهما فى تنسيق واحد .

و يفاجأ الفيل بالرمحين فى عينيه, فيقعى على إسته و يفترش رجليه ,و يقطع الربيل خرطومه ,وبقى الفيل غاضبا يصيح كالخنزير ومرق غاضبا بين صفوف الفرس يدوسهم و أثار صياحه انتباه الأفيال الأخرى التى رأته يثب فى النهر فاتبعته كلها تخرق صفوف الفرس وظلت منطلقه إلى أن بلغت المدائن وقد هلك من كان فيها
" فلله درهم من أبطال بل من جبال تصارع وتعمى الأفيال ".
أنا الحسام بريق الشمس في طرفٍ *** مني وشفرة سيف الهند في طرفٍ.
فلا أبالي بأشواك ولا مِحَن *** على طريقي ولي عزمي ولي شغفي .
ماض فلو كنت وحدي والدُّنَا صرخت *** بي قف لسرت فلم أُبطئ ولم أقفِ.
الجزء الثانى
فتح البيت الأبيض -القادسية (الجزء الثاني)

أبو محجن الثقفي .. الفارس الملثم
فارس وبطل من مغاوير القادسية ولكنه كان رضى الله عنه متلبسا بشرب الخمر فحبسه سعد وقيده فى قصره ولما سمع صوت السيوف يوم أغواث وما يعانى المسلمين فى القتال وقد استشهد أبناء الخنساء الأربعة فرضى الله عنهم

جرت دماء الفروسية والجهاد فى دمه فأخذ يناشد سلمى امرأة سعد وقال : يابنت آل حفصة !! هل لك فى خير ؟ قالت : وما ذاك ؟ قال : تخلين عنى و تعيرننى البلقاء (فرس سعد ) ، ولله على إن سلمنى الله أن أرجع حتى أضع رجلى فى قيدى فرفضت سلمى . فيرجع يرسف فى قيوده يتأسف ويبكى قائلا :
كفى حزنا أن تطعن الخيل بالقنا *** وأترك مشدودا علىّ و ثاقيا .
إذا قمت عنّانى الحديد و غُلّقت *** مصاريع دوني قد تصم المناديا .
وقد كنت ذا مال كثير و أخوة *** فقد تركونى واحدا لا أخاليا .
فلله عهد لا أخيس بعهده *** لئن فرجت ألا أزور الحوانيا .

وشعرت سلمى بصدق توبته ومضاء عزمه فاستخارت ربها وأطلقته و اقتاد الفرس واتجه إلى الميمنة كالبرق حيث قومه فكبر ثم حمل على ميسرة القوم يلعب برمحه وسلاحه بين الصفين ثم رجع من خلف المسلمين إلى القلب يلعب بين الصفوف برمحه وسيفه وكان يقصف الناس قصفا منكرا وتعجب الناس منه وهو ملثم لا يعرف

لا يحمل على رجل إلا قتله ودق صلبه والناس يشاهدونه فى عجب حتى قال الناس : و الله لولا أن الملائكة لا تباشر القتال لقلنا ملك بيننا ولا يأبه الناس أنه أبو محجن لأنه كان فى حبسه وكان سعد أحد الناس بصرا فأخذ يقول : من هذا الفارس ؛ الوثب وثب البلقاء و الطعن أبى محجن والله لولا محبس أبى محجن لقلت : هذا أبو محجن ,
وهذا البلقاء ، فلما انتصف الليل تراجع الناس عن بعضهم و عاد أبو محجن حتى دخل من حيث خرج و أعاد رجليه فى القيد .

وجاء سعد و قالت له امرأته : كيف كان القتال ؟ قال : لقينا ولقينا حتى بعث الله رجلا على فرس أبلق لولا أنى تركت أبا محجن فى القيود لقلت : إنها بعض شمائل أبى محجن ، فقالت : هو والله أبو محجن ، فال : كيف ؟ قالت : كان من الأمر كذا وكذا ، فدعا به ، وحل قيوده و قال : والله لا نجلدك على الخمر أبدا .
فقال أبو محجن:
وأنا والله لن أعود لشربها أبدا ، قد كنت أشربها فتطهرونى بالجلد ، ولن يطهرنى بعد اليوم إلا النار فتعانقا وهما يبكيان رضى الله عنهما.

علباء بن جحش .. يقاتل بعد خروج أمعاءه

برز رجل من المجوس فنادى من يبارز ؟ فخرج له علباء بن جحش رضى الله عنه فاجتلدا بسيفهما فنفحه - ضربه إلى خارج اليمين -علباء فأصابه فى صدر وشق رئته ، ونفح الآخر فأصابه فى بطنه و انتثرت أمعاؤه وسقطا معا إلى الأرض ، أما المجوسى فقتل من ساعته ، وأما علباء فلم يستطع و أشار إلى أحد المسلمين : أن يعينه على إدخال أمعاءه ففعل ثم أخذ يزحف نحو صف المجوس فأدركه الموت على ثلاثين ذراعا وهو يقول:
أرجو بها من ربنا ثوابا*** قد كنت ممن أحسن الضرابا.

وفاضت روحه إلى باريها ..فلله دره من بطل

القعقاع بن عمرو.. يحطم الأرقام القياسية
حيدرة الأسود رضى الله عنه صاحب الخوارق والشجاعة التى لا توصف قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم " لصوت القعقاع فى الجيش خير من ألف رجل وقال عنه أبو بكر ::"لا يهزم جيش فيه القعقاع"

كان فى مقدمة قوات هاشم التى جاءت من الشام لنجدة سعد يوم أغواث ثانى أيام القادسية الجمعة 14 شعبان عام 15 هـ والتحم من أول لحظة جاء فيها من السفر!!

ولجأ إلى حيلة بارعة فقد قسم كتيبته إلى عشرة فصائل كل فصيلة مائة مقاتل وأمرهم أن يخرجوا إلى المعركة فصيلة تلو الأخرى يقوموا بإثارة أكبر قدر من الغبار مع التكبير العالي عند نزول المعركة

حتى يظن كلا من المسلمين والفرس بأن مددا كبيرا قد لحق بالمسلمين فترتفع معنويات المسلمين وتنخفض الروح عند الفرس

وجعل للجمال براقع وألبسها خرقا فصار منظرها مخيفا لخيل الفرس
فنفرت منه وفرت هاربة فركب المسلمون أكتاف الفرس

ودخل القعقاع المعركة وطلب المبارزة وعندما رأى القعقاع قائد الفرس ( بهمن جاذويه )(4) صاح قائلا : يا لثارات أبي عبيدة وسليط وشهداء الجسروانقض عليه كالأسد الضاري وذبحه كالنعجة.
ثم خرج إليه بيرزان قائد المؤخرة فسدد إليه القعقاع ضربة قوية فوق عنقه أذرت برأسه فارتفعت معنويات المسلمين.
وعندما كتب عمر إلى سعد :أى فارس كان أفرس فى القادسية؟
قال: إنى لم أر مثل القعقاع حمل فى يوم ثلاثين حملة يقتل فى كل حملة بطلا.

سيذكر التاريخ للقعقاع أنه ضرب الرقم القياسى فى عدد المعارك التى خاضها وسجل فيها صفحات مشرقة منهن إحدى عشر موقعة شهيرة غير المعارك الصغيرة

وهو القائد الوحيد الذى قاتل فى معارك الفتح الإسلامي الثلاثة الحاسمة ( القادسية اليرموك ونهاوند) وكان يعتبر بحق فى القادسية قائد الميدان الفعلى.

أناضل عن دين عظيم وهبته *** عطاء مقل مهجتى و حياتيا .
وممتثل لله أسلم وجهه*** يقول : أنا وحدى سأحمى دينيا.
بظهرى ببطنى بالذراع بمقتلتى *** بجنبى ، بعظم الصدر حتى التراقيا .
تأخرت دهرا باللذائذ والمنى *** ومن حذر الدنيا و خوف العواديا .
فلم أر يوما كالتقدم لذة *** ولم أر عيشا كالتقدم هانيا .
على ذروة التوحيد تخفق رايتى *** وتحت روابيها تصب دمائيا .

ريح شديدة تكشف رستم ( وما يعلم جنود ربك إلا هو )
هبت ريح شديدة فرفعت خيام الفرس وألقت سرير رستم ووصلت وحدة من بنى تميم على رأسها القعقاع بن عمرو إلى رستم ويقترب هلال بن علقمة رضى الله عنه من بغل رستم وهو لا يعلم بوجوده فيضرب علقمة الحبال التى تشد العدلين فقطعها فوقع أحد العدلين على رستم وهو يستظل ببغله وكان العدل ثقيلا فأزال فقرة من فقرات ظهره

وتسلل رستم نحو النهر فأبصره هلال وعرفه فتوجه نحوه فرماه رستم بنشابه أصابت قدمه وأوغل رستم فى الهرب وصار يخفف ما عليه من عدة الحرب وقذف بنفسه فى النهر.
فاقتحم هلال النهر خلفه ولم يشعر رستم إلا بهلال وقد أدركه فأخذ برجله وأخذ يسحبه الى البر حتى خرج به إلى البر ثم ضرب جبينه بالسيف ففلق هامته وضرب أنفه فقتله ثم سحب جثته ورمى بها بين أرجل البغال ثم صعد على سرير رستم ونادى بأعلى صوته قتلت رستم ورب الكعبة !!
فكبر المسلمون من فوق سريره وتهدم قلب جيش الفرس وعمتهم الهزيمة فبوركت يمينك يا هلال .

المسلمون يحصدون الفرس
بعد مقتل رستم حاول قادة الفرس المنهزمين وعلى رأسهم الجالينوس قائد القلب أن ينسحب ببقية الجيش فوقف على قنطرة العتيق ونادى الجيش ليعبروا النهر على القنطرة الترابية ولكن زهرة بن الحوية كان له بالمرصاد فاختلفا فقتله وسلبه

وهكذا بقى الفرس دون قائد ينظمهم حتى فى انسحابهم فصار هم الواحد منهم أن ينجو بنفسه
وكان هناك ثلاثون ألف من مغاوير الفرس وقد اقترنوا بالسلاسل ووطنوا أنفسهم على الموت كى لايفروا فتهافتوا جميعا على النهر يجر بعضهم بعضا فقتلهم المسلمون شر قتلة وخزا بالرماح فلم ينج منهم واحد!!

هل دحرنا فى القادسية جيشا *** بخميس مهلهل مستأجر
أم بجيش شعاره دون خوف *** لايهاب الحمام الله أكبر
مزق الظلم زحف يتحدى *** جحفل الظلم بالعقيدة يزخر
علّم الفرس والعروش تهاوى*** أن عرش القلوب أتقى وأطهر
ضرار بن الخطاب " مسقط راية الفرس إلى الأبد
وصل ضرار إلى رايتهم (درفش كابيان ) أشهر راية فى التاريخ راية حمراء ذات الشمس البنفسجية والقمر الذهبى كانت من جلود النمر 4أمتار فى 6 أمتار مزينة بالجواهر و تزداد كل انتصار وموشاة بقطع الذهب والفضة واللآلئ وصارت على الأيام يتيمة الدهر كان يحملها السالار رئيسهم المقدم يعينه خمسة من الموابذة -رجال الدين- ليحملوه أمام الجيش

كانت قيمتها ألفى ألف دينار ومائتين, أسقطها ضرار رضى الله عنه فعوض عنها بثلاثين ألف درهم.
على ترانيم تكبيراتنا سقطت *** رايات كسرى وذاق الموت ساسان

ركوب الذل والهوان بنى ساسان

يقول أحد الغلمان من المسلمين :لقد رأيتنى وكنت غلاما صغيرا أشرت على أحد أساورتهم فجاء وعليه سلاحه التام فضربت عنقه ثم أخذت ما كان عليه.

حتى إن الغلام ليدعو الرجل منهم فيأتيه حتى يقوم بين يديه فيضرب عنقه,وحتى أنه ليأخذ سلاحه فيقتله به وحتى إنه ليأمر الرجلين فيقتل أحدهما صاحبه.
  1. يقول الأسود النخعى :شهدت القادسية حتى لقيت غلاما منا يسوق ستين أو ثمانين رجلا من أبناء الأحرار وقد أذل الله أبناء الأحرار.
وحاصر المسلمون الفرس وضيقوا عليهم حتى أكلوا القطط و الكلاب

وكتب سعد إلى عمر رضى الله عنهما : أما بعد فإن الله نصرنا على فارس ومنحهم سنن الذين من قبلهم بعد قتال طويل وزلزال شديد وقد لقوا المسلمين بعدة لم ير الرائون مثل زهائها فلم ينفعهم الله بذلك بل سلبوه وأتبعهم المسلمون على الأنهار والجبال يقتلونهم..وأصيب من المسلمين فلان وفلان ورجال لا نعلمهم الله بهم عالم كانوا يدوون بالقرآن إذا جن الليل دوى النحل وهم آساد الناس لا يشبههم الأسود.
عباد ليل إذا حل الظلام بهم *** كم عابد دمعه في الخد أجراه
وأسد غاب إذا نادىالجهاد بهم *** هبوا إلى الموت يستجدون رؤياه
يارب فابعث لنا من مثلهم نفرا *** يشيدون لنا مجدا أضعناه
وسارت الجن تبشر المسلمين بالفتح العظيم سمع الناس صوت امرأة فى صنعاء تتغنى بنصر المسلمين ولا ترى وكذا أهل اليمامة.
فتح المدائن (البيت الأبيض)وعبور تاريخى لا مثيل له (عفاريت)

كتب عمر بن الخطاب إلى سعد رضى الله عنهما بالمسير الى المدائن عاصمة كسرى ومضى الجيش المنتصر وبينهم وبين كسرى نهر طافح هادر ماءه وزاد المد فيه وارتفع ماؤه لستة أمتار فى العمق حتى كان يقذف بالزبد لشدة جريانه وموجه المتلاطم..

فأنى لجيش المسلمين العبور وقد أخذ الفرس سفنهم وحرموا المسلمين منها
ورأى سعد فى منامه أن خيول المسلمين اقتحمت مياه دجلة الهادر وعبرته وقد أقبلت من المد بأمر عظيم
فجمع الجيش وقام خطيبا وقال "إن عدوكم قد اعتصم منكم بهذا البحر وقد رأيت أن تبادروه بالجهاد بنياتكم قبل أن تحصركم الدنيا ألا إنى قد عزمت عليكم على قطع هذا البحر إليهم ...!!!
فوافقوا جميعا ,فقال قولوا : نستعين بالله ونتوكل عليه حسبنا الله ونعم الوكيل ..
فيا لله هاهم كتائب التوحيد يسيرون على الماء وأهل فارس تقتلهم الدهشة وقد انقلبت حساباتهم
يمشون على الماء وقد سخره لهم من سخر النار وجعلها بردا وسلاما على إبراهيم

ويتحدثون أثناء عبورهم على الماء وسعد يقول حسبنا الله ونعم الوكيل والله لينصرن وليّه وليظهرن دينه وليهزمن عدوه إن لم يكن فى الجيش بغى أو ذنوب تغلب الحسنات
فخرجوا ولم يفقدوا شيئا ولم يغرق أحد سوى رجل وقع قدحه
فقال :عزمت عليك يارب إلا رددت علىّ قدحى فعاد إليه !!

نظر جنود يزدجرد إلى هذا المشهد وكأنهم فى حلم وأخذوا يرددون "ديوان آمد" عفاريت
ويقولون :"والله ما تقاتلون إلا الجن" فولوا مدبرين لا يلوون على شىء

فزع يزدجرد وما استطاع أن يخرج من باب قصره المواجه للشاطىء فدلوه فى زنبيل ليفر من المدائن إى والله هكذا نهاية الطواغيت المتجبرين

حتى خيولهم أصابها الذعر فيروى الطبرى أن أوائل كتيبة الأهوال بقيادة عاصم أدرك رجالها مؤخرة جيش المجوس وقد وقفت خيولهم لاتتحرك كأنها أصيبت بالشلل خوفا ورعبا من المسلمين
ودخل سعد المدائن وانتهى إلى إيوان كسرى فأقبل يقرأ قوله تعالى :
" كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمةكانوا فيها فاكهين كذلك وأورثناها قوما آخرين"
مصارعة الأسد!!
أمر سعد هاشما رضى الله عنهما بالتوجه لمواجهة قوات الحرس الملكى (كتائب كسرى)فى مظلم ساباط والتقى الجيشان ودارت معركة رهيبة وإذا بالفرس يطلقون أسدهم على صفوف المسلمين!!

فينزل هاشم عن فرسه وتقدم إليه بقلب لا يعرف الخوف إلا من بيده نواصى الخلق أجمعين وتدور معركة بينه وبين الأسد و تنتهى بقتل هاشم للأسد !!

فيقبل سعد رأس هاشم وإذ بهاشم يقبل رجل سعد حبا واحتراما للقائد عمه , ذرية بعضها من بعض.
هم الرجال وعيب أن يقال*** لمن لم يكن في زيهم رجل
مقتل شهريار على يد عبد
أمر سعد قائد المقدمة زهرة بن الحوية رضى الله عنه أن يزحف إلى بلدة "كوثى"وكان عليها أشد فرسان فارس (شهريار)

والذى خرج بين الصفين يختال مستهزئا بالمسلمين: ألا فارس منكم شديد يخرج إلى حتى أنكل به ؟

فقال زهرة: لقد أردت أن أبارزك وبعد أن سمعت قولك فإنى لا أخرج إليك إلا عبدا ليقتلك ببغيك إن شاء الله , وإن فررت منه فإنك تفر من عبد!!

فاستشاط غضباو خرج له (نائل بن الجعشم) رضى الله عنه وكان جسيما مثل شهريار فاجتلدا بسيفهما ثم اعتنقا –تصارعا-فخرا عن فرسيهما ووقع شهريار على نائل كأنه بيت فضغطه بفخذه وأخذ الخنجر ليذبح نائل فوقع أصبعه فى فم نائل فحطم عظمها ثم قام وجلد بشهريار الأرض ثم قعد على صدره وأخذ الخنجر فطعنه فى بطنه وجنبه وقتله وسلبه فرسه ومتاعه

وانكشف الجيش وهزموا فلما قدم على سعد قال له أقسمت عليك يا نائل لما لبست سواريه ومتاعه ولتركبن برذونه وغنمه سعد كل ذلك وألبسه سواريه فكان أول رجل سوّر بالعراق!!!
جلولاء..اسم على مسمى
لم يكد المسلمون يستقرون بالمدائن حتى علموا أن قوات الفرس عسكرت بجلولاء فأمر عمر سعدا بإرسال الجيش إليهم بقيادة هاشم بن عتبة وحاصرهم المسلمون سبعة أشهر ويزدجرد يمدهم بأمداد متصلة وقد حفروا خندقا كبيرا وأحاطوه بحزام من حسك الحديد لتمنع اندفاع الخيل.

والتحم الجيشان وقتلوا مقتلة عظيمة رميا بالنبل وطعنا بالرماح وانهزم المجوس فتراجعوا والمسلمون لا يرفعون عنهم حتى غلبوا على خوازيق الخشب التى صنعوها للمسلمين فقتلوا قتلا ذريعا.

وتكرر القتال وسحب الظلام رداءه ودخل القعقاع رضى الله عنه الخندق وجنده وقد انعزلوا عن المسلمين فأمر مناديه :" يا معشر المسلمين هذا أميركم قد دخل الخندق فأقبلوا إليه وحملوا حملة صادقة وأصاب حسك الحديد خيول الفرس فنزلوا ليقاتلوا مشاة.
ولكن مشاة مشتتة, فتعقبهم المسلمون فلم يفلت منهم إلا من لا يعد
وبلغ قتلى المجوس مائة ألف لذا سميت بجلولاء وكان من ضمن القتلى مهران قائد الفرس وقومت الغنائم بثلاثين مليون درهم!!!
سلوا فخامة كسرى عن كتائبنا *** وجيشه الضخم لما مدت القضب.
سرى يجر ذيول الخزي منكسرا *** وكسرت عنده التيجان والحجب.
بعدها وجه سعد قواده لفتح باقى البلاد المجاورة فأمر بفتح شمالى العراق وأذربيجان وإيران وأرمنيا وتركيا وحدود روسيا ومصّر الكوفة

فأصبحت القاعدة الأمامية للفتح الإسلامى فى الشرق كله والتى أمددت العالم الإسلامى بعدد ضخم من القادة والفاتحين فرضى الله عن الأسد عاديا فى براثنه سعد بن مالك ورضى الله عن ذلك الجيل العظيم.

أولئك من سطروا للعلا *** أجل الصفات وأغلى السير.

هكذا يذكر لنا التاريخ كيف صاغ الإسلام رجالا كان لا يأبه لهم
فغير بهم التاريخ وصنع بهم المجد والبطولات التى لا مثيل لها.

وقفوا على هام الزمان رجالا *** يتوثبون تطلعا ونضالا .
وحى السماء يجيش فى أعماقهم*** ونداؤه من فوقه يتعالى .
باعوا النفوس لربهم واستمسكوا *** بكتابه.. واستقبلوا الأهوال .
فى وقدة الصحراء فى فلواتها *** حملوا تكاليف الجهاد ثقالا .
تشوى على رمضائها أجسامهم *** لكنهم لا يعرفون محالا .
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم *** أسدا تخلف بعدها أشبالا .

إن الذين لا تغلي دماؤهم، ولا تلتهب نفوسهم، ولا تهتز مشاعرهم لخدمة هذا الدين وحمل همه و الدعوة إليه، لا يُعقد عليهم أمل، ولا يُناط بهم رجاء: أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ [النحل:21]، والميت لا يحس بالأوجاع: وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النحل:21].
جد بالدما من غير منّ *** إن لم تذد عنها فمن؟
ما لم تقم بالعبء أنت*** فمن يقوم به إذن؟
تم بحمد الله
إعداد الفقير إلى الله ابو مسلم وليد برجاس
_____________________________________________
(1)القادسية :باب فارس فى الجاهلية (2) كسرىسابور الملقب بذى الأكتاف قتل كل من وجده من العرب، فكان ينزع أكتافهم ويمثل بهم(3)قال ياقوت : كان يقال لليوم الأول من أيام القادسية يوم أرماث واليوم الثاني أغواث والثالث عماس ...ولا أدري هذه الأسماء مواضع أم هي من الرمث والغوث والعمس .


(4) كان بهمن هذا_ المعروف بذي الحاجب _هو قائد معركة الجسرالمعركة الوحيدة التي انهزم فيها المسلمون بسبب خطأ تعبوي من أبي عبيدة رضى الله عنه.

ليست هناك تعليقات:

« كَفَّارَةُ المَجْلِسِ »

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ في مَجْلِسِهِ ذَلِكَ » .