59 ـ الحشر
59 ـ الحشر |
|
59 ـ الحشر
ــ
اسم السورة
وتسمى هذه السورة بما يلي: ـ
1ـ سورة الحشر (1)
وذلك: لدلالة إخراج اليهود.. على لطف الله، وعنايته برسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبالمؤمنين، وقهره وغضبه على أعدائه (2)
كما أنه في هذه القصة: إعلام بأول الحشر، المؤذن بالحشر الحقيقي، عن طريق القدرة عليه، بعد إطباق الولي والعدو على ظن أنه لا يكون ذلك (3).
2ـ سورة بني النضير (4)
وذلك: لما أخرجه البخاري عن سعيد بن جبير، قال: قلت
لابن عباس: سورة الحشر، قال: قل: سورة بني النضير (5)
قال ابن حجر: كأنه كره تسميتها بالحشر؛ لئلا يظن
إن المراد: يوم القيامة، وإنما المراد به هنا: إخراج بني النضير (6)
عدد آياتها (7)
و عدد آياتها: ( 24) أربع و عشرون آية.
كلماتها: (445) أربعمائة و خمس و أربعون كلمة.
حروفها: (1913) ألف و تسعمائة و ثلاثة عشر حرفا.
سبب نزولها
(بسم الله الرحمن الرحيم ). قوله تعالى: (هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب) الآية. قال المفسرون (8): نزلت هذه الآية في بني النضير، و ذلك أن النبي _صلى الله عليه و سلم _ لما قدم المدينة صالحه بنو النضير على أن لا يقاتلوه و لا يقاتلوا معه، و قبل رسول الله صلى الله عليه و سلم _ منهم، فلما غزا رسول الله_ صلى الله عليه و سلم _ بدرا و ظهر على المشركين قالت بنو النضير: و الله إنه النبي الذي وجدنا نعته في التوراة لا ترد له رأيه، فلما غزا أحدا و هزم المسلمون, تقضوا العهد و أظهروا العداوة لرسول الله_ صلى الله عليه وسلم _ ثم صالحهم عن الجلاء من المدينة.
أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد ا، أخرجي، أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل التاجر، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ، أخبرنا محمد بن يحيى، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن الزهري، عن كعب بن مالك، عن رجل من أصحاب النبي _صلى الله عليه و سلم _:أن كفار قريش كتبوا بعد وقعة بدر إلى اليهود: أنكم أهل الحلقة و الحصون، و إنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا، و لا يحول بيننا و بين خدم نسائكم و بين الخلاخل شئ، فلما بلغ كتابهم اليهود أجمعت بنو النضير الغدر، وأرسلوا إلى النبي_صلى الله عليه وسلم_: أن اخرج إلينا في ثلاثين رجلا من أصحابك و ليخرج معنا ثلاثون حبرا حتى نلتقي بمكان نصف بيننا و بينك ليسمعوا منك، فإن صدقوك و آمنوا بك آمنا بك كلنا، فخرج النبي _ صلى الله عليه و سلم _ في ثلاثين من أصحابه، و خرج إليه ثلاثون حبرا من اليهود، حتى إذا برزوا في براز من الأرض قال بعض اليهود لبعض كيف تخلصون إلية ومعة ثلاثون رجل من أصحابة كلهم يحب أن يموت قبلة؟ فأرسلوا كيف نتفق ونحن ستون رجلا، أخرج فى ثلاثة من أصحابك وتخرج إليك ثلاثة من علمائنا إن أمنوا بك أمنا بك كلنا وصدقناك، فخرج النبي_صلى الله علية وسلم_فى ثلاثة من أصحابة وخرج ثلاثة من اليهود واشتملوا على الخناجر وارادو الفتك برسول الله_صلى الله علية وسلم_فأرسلت امرأة ناصحة من بنى النضير إلى أخيها وهو رجل مسلم من الأنصار فاخبرتة خبر ما أراد بنو النضير من الغدر برسول الله_صلى الله علية وسلم_، واقبل أخوها سريعا حتى أدرك النبي_صلى الله علية وسلم_فسارة بخبرهم، فرجع_النبي صلى الله علية وسلم_؛ لما كان من الغد عدا عليهم بالكتائب فحاصرهم فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء على إن لهم مااقلت الإبل إلا الحلقة وهى السلاح، وكانوا يخربون بيوتهن فيأخذون ما وافقهم من خشبها، فأنزل الله تعالى _لله مافى السموات ومافى الأرض_حتى بلغ_والله على كل شيء قدير_.
أخرج البخاري عن ابن عباس قال:سورة الأنفال نزلت فى بدر وسورة الحشر نزلت فى بنى النضير.
وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت:كانت غزوة بنى النضير وهم طائفة من اليهود على رأس ستة أشهر من وقعة بدر، وكان منزلهم ونخلهم فى ناحية المدينة فحاصرهم رسول الله _صلى الله علية وسلم_حتى نزلوا على الجلاء وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من الأمتعة والأموال إلا الحلقة وهى السلاح، فأنزل الله فيهم_سبح لله مافى السموات والأرض_.(9)
ترتيبها
مدنية أ.فى المصحف.. بعد:سورة المجادلة"، و قبل: سورة "الممتحنة".
ب. في النزول..بعد : سورة "البينة" ، و قبل : سورة " النور".
تناسبها مع "المجادلة"
1-ما ختمت المجادلة (10) بأنه سبحانه معز أهل طاعته ، و مذال أهل معصيته و محادته : علل ذلك بتنزهه _ سبحانه _ عن النقائص ؛ تأييدا للوعد بنصر المؤمنين ، فقال (سبح) أي أوقع التنزيه الأعظم عن كل شائبة نقص (لله) الذي أحاط بجميع صفات الكمال (10) .
هدفها
بيان ما دل عليه آخر "المجادلة" من التنزه عن شوائب النقص ، بإثبات القدرة الشاملة ، بدليل شهود على أنه يغلب هو و رسله ، و أن ما حاده : في الأذلين ؛ لأنه قوي عزيز .
مما يستلزم العلم التام ، المستلزم للحكمة البالغة ، المستلزمة للحشر المظهر لفلاح المفلح و خسران الخاسر على وجه الثبات ، الكاشف أتم كشف لجميع صفات الكمال (11).
تقسيمها
تتكون آيات هذه السورة ، من : مقدمة ، و مجموعتين (12) .
فالمقدمة : عبارة عن (آية) واحدة فقط .
وهي: الآية الأولى من السورة .
و فيها : الإخبار بأن جميع ما في السموات و الأرض : يسبح لله ، و يحمده ، و يقدسه ، و يصلي له ، و يوحده .
و من هذا الإخبار ندرك : أن مضمون السورة ، له صلة بتنزيه الله ، و خضوع الأشياء كلها له ، و أنه سبحانه متصف بالعزة و الحكمة .
و المجموعة الأولى : عبارة عن (20) آية .
من الآية (2) حتى نهاية الآية (21) و فيها :
بيان : سنة من سنن الله تعالى ، و هي : أن من شاق الله و رسوله .. فإنه يستحق العقاب الشديد ، و أن من عقوبات الله الشديدة : أن يسلط على قوم فيجليهم من ديارهم .
ذكر : بعض أحكام الفئ ، و هو كل ما أخذ من أموال الكفار من غير قتال ، ولا جهد في تحصيله .
تفصيل لخصائص : المهاجرين ، و الأنصار ، و الذين اتبعوهم بإحسان ، و توضيح بصفاتهم العليا .
تعريف : بطبيعة المنافقين ، و تبعيتهم للكافرين .
مطالبة المؤمنين _ بناء على ما سبق _ بالتقوى ، و العمل لليوم الأخر.
والخشية من الله، وتحذيرهم من المخالفة، والتشبة بالفاسقين.
التأكيد:على عدم استواء أهل النار وأهل الجنة، فأهل النار خاسرون ، وأهل الجنة فائزون.
التذكير:بعظمة هذا القرآن.
ويلاحظ:أن كل ذلك مما يعرفنا بالله سبحانة وتعالى من خلال أفعالة عز وجل.
والمجموعة الثانية:عبارة عن(3) أيات من الآية(22)حتى نهاية الآية(24) وهى خاتمة أيات السورة وفيها: تعريف على الله سبحانة وتعالى من خلال أسمائة وصفاتة العلى.
(و هو العزيز الحكيم) أي و هو الشديد الانتقام من أعدائه ، الحكيم في تدبير خلقه ، و صرفهم فيما فيه صلاحهم ، فهو كامل القدرة كامل العلم .
اللهم وفقنا للهدى و الرشاد في يوم المعاد .
موضوعات السورة (13).
(1) تنزيه الله لنفسه عن كل نقص .
(2) ذكر غلبة الله و رسوله لأعدائه .
(3) تقسيم الفئ الذي اخذ من بني النضير مع ذكر المصارف التي يوضع فيها .
(4) أخلاق المنافقين المضلين ، و أخلاق أهل الكتاب الضالين مع ضرب المثل لهم .
(5) ذكر نصائح للمؤمنين .
(6) إعظام شأن القرآن وإجلال قدره .
(7) وصف الله سبحانه نفسه بأوصاف الجلال والكمال .
دروس وعبر
1_ذكر علماء الأخبار و أئمة السير ، أن سبب الأمر بجلاء بني النضير هو نقضهم العهد .
قال الإمام ابن القسم : لما قدم النبي _ صلى الله عليه و سلم _ المدينة ، صار الكفار معه ثلاثة أقسام ،قسم صالحهم و وادعهم على أن لا يحاربوه ،ولا يظاهروا عليه ،ولا يوالوا عليه عدوه ، و هم على كفرهم ،آمنون على دمائهم وأموالهم . وقسم حاربوه و نصبوا له العداوة . وقسم تاركوه فلم يصالحوه ولم يحاربوه ،بل انتظروا ما يؤول إليه أمره وأمر أعدائه . ثم من هؤلاء من كان يحب ظهوره و انتصاره في الباطن . و منهم من كان يحب ظهور عدوه عليه و انتصارهم . ومنهم من دخل معه في الظاهر ، وهو في الباطن ،ليأمن الفريقين ،وهؤلاء هم المنافقون .فعامل كل طائفة من هذه الطوائف بما أمر به ربه _تبارك وتعالى_ فصالح يهود المدينة ، وكتب بينهم كتاب أمن ،و كانوا ثلاثة طوائف حول المدينة : بني قينقاع ، وبني النضير ، وبني قريظة. فكانت بنو قينقاع أول من نقض ما بينهم و بين رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ،وحاربوا فيما بين بدر و أحد ،وحاصرهم _صلى الله عليه وسلم_ ، ثم أمرهم أن يخرجوا من المدينة ، ولا يجاوروه بها . ثم نقض العهد بنو النضير . وذلك أن رسول الله_صلى الله عليه وسلم_ خرج إليهم يستعينهم في دية قتيلين من بني عامر ،وجلس رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ إلى جنب جدار من بيوتهم، فتآمروا على قتله _صلى الله عليه وسلم_ ،و أن يعلو رجل فيلقي صخرة عليه ، فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب أحدهم،و صعد ليلقي عليه صخرة،و نزل الوحي على الرسول_صلوات الله عليه_ بما أراد القوم.فقام و رجع بمن معه من أصحابه إلى المدينة. وأمر بالتهيؤ لحربهم. ثم سار بالناس ، حتى نزل بهم فحاصرهن ست ليال ، فتحصنوا منه في الحصون ، فأمر رسول الله_صلى الله عليه وسلم_
بقطع النخيل و تحريقها ،ثم قذف الله في قلوبهم الرعب ،وسألوا رسول الله_صلى الله عليه وسلم_ أن يجليهم ، ويكف عن دمائهم ،على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة ،ففعل. فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل . فكان الرجل منهم يهدم بيته عن نجاف بابه ، فيضعه على ظهر بعيره ،فينطلق به. فخرجوا على خيبر ، ومنهم من سار إلى الشام، وخلوا الأموال لرسول الله_صلى الله عليه وسلم_ ، فكانت له خاصة يضعها حيث يشاء، فقسمها رسول الله_صلى الله عليه وسلم_ على المهاجرين الأولين دون الأنصار ،إلا أن سهل بن حنيف و أبا دجانة ذكرا فقرا ،فأعطاهما رسول الله_صلى الله عليه وسلم_ ،و لم يسلم من بني النضير إلا رجلان : يامين بن عمير ابن كعب ،و أبو سعد بن وهب ، أسلما على أموالهما فأحرزاها .
قال بن إسحاق : و قد حدثني بعض آل يامين أن رسول الله_صلى الله عليه وسلم_ قال ليامين : ألم تر ما لقيت من ابن عمك ، وما هم به من شأني ؟فجعل يامين بن عمير جعلا على أن يقتل له عمرو بن جحاش ، فقتله فيما يزعمون .و نزل في بني النضير سورة الحشر بأسرها ، يذكر فيما ما أصابهم الله به من نقمته ، وما سلط عليهم به رسول الله_صلى الله عليه وسلم_ ،وما عمل به فيهم.انتهى.(14).
تنبيهات:
2.قال السيوطى في (الإكليل): استدل بالآية على أن(الفيء) ما أخذ من الكفار بلا قتال ,وإيجاف خيل وركاب ,ومنه ما جلوا عنه خوفا. و(الغنيمة) ما أخذ منهم بقتال ,كما تقدم في قوله:(واعلموا أنما غنمتم من شئ...)(15)الآية, خلافا لمن زعم أنهما بمعنى واحد ,أو فرق بينهما بغير ذلك .انتهى.
وكأن الذي زعم أنهما بمعنى واحد رأى أن مجمل هذه الآية بينه آية الأنفال ,حتى زعم قتادة أن هذه منسوخة بتلك. قال_فيما رواه عنه ابن جرير_:كان الفئ في هؤلاء ثم نسخ ذلك في سورة الأنفال فقال:(واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) وجعل الخمس لمن كان له الفئ في سورة الحشر .وكانت الغنيمة تقسم خمسة أخماس. فأربعة أخماس لمن قاتل عليها, ويقسم الخمس الثاني على خمسة أخماس: فخمس لله وللرسول , وخمس لقرابة رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ في حياته ,وخمس لليتامى ,وخمس للمساكين ,وخمس لأبن السبيل.
والمسألة مبسوطة في مطولات الفروع.
3.قال الزمخشرى:الأجود أن يكون قوله تعالى(وماءاتكم الرسول فخذوه)الآية_ عاما في كل ما أتى رسول الله_صلى الله علية وسلم_ونهى عنة.وأمر الفيء داخل في عمومة.
وفى (الإكليل):فيه وجوب امتثال أوامره ونواهيه_صلى الله علية وسلم_.
قال العلماء:وكل ما ثبت عنة_صلى الله علية وسلم_، يصح أن يقال انه في القرآن، أخذا من هذه الآية.انتهى.
تنبيه:
4.في (الإكليل):في الآية مدح الإيثارفى حظوظ النفس والدنيا.انتهى.
وقال أبن كثير:هذا المقام أعلى من حال الذين وصف الله بقوله تعالى(ويطعمون الطعام على حبة مسكينا ويتيما وأسيرا)(16) وقوله(وءاتى المال على حبة)(17) فان هؤلاء تصدقوا، وهم يحبون ما تصدقوا به، وقد لا يكون لهم حاجة إليه، ولا ضرورة به.وهؤلاء أثروا على أنفسهم مع خصاصتهم وحاجتهم إلى ما أنفقوه.ومن هذا المقام تصدق الصديق رضي الله عنة بجميع ماله، فقال له رسول الله_صلى الله علية وسلم_:ما أبقيت لأهلك؟ فقال رضي الله عنة:أبقيت لهم الله ورسوله!وهكذا الماء الذي عرض على عكرمة وأصحابه يوم اليرموك،فكل منهم يأمر بدفعة إلى صاحبة، وهو جريح مثقل، أحوج ما يكون إلى الماء، فردة الأخر إلى الثالث ، فما وصل إلى الثالث حتى ماتوا عن أخرهم،ولم يشربه أحد منهم،رضي الله عنهم وأرضاهم.
(ومن يوق شح نفسه)أي فيخالفها فيما يغلب عليها من حب المال،وبغض الأنفاق.
(فأولئك هم المفلحون)أي الفائزون بالسعادتين.وفى إضافة الشح إلى النفس إشارة لما قاله القاشانى من أن النفس مأوى كل شر ووصف رديء، وموطن كل رجس وخلق دنيء. والشح من غرائزها المعجونة في طينتها، لملازمتها الجهة السلفية، ومحبتها الحظوظ الجزئية،فلا ينتفي منها إلا عند انتفائها.ولكن المعصوم من تلك الآفات والشرور،من عصمة الله.
قال أبن جرير:الشح في كلام العرب البخل،ومنع الفضل من المال.والعلماء يرون أن الشح في هذا الموضع إنما هو أكل أموال الناس بغير حق.ثم روى أن رجلا أتى ابن مسعود فقال:ياابا عبد الرحمن!أنى أخشى أن تكون أصابتني هذه الآية(ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)،وأنا رجل شحيح،لا يكاد يخرج من يدي شيء!قال:ليس ذاك بالشح الذي ذكر الله في القرآن،إنما الشح أن تأكل مال أخيك ظلما.ذلك البخل،وبئس الشيء البخل!انتهى.
والظاهر أنة عنى بالعلماء علماء الأثر،لأنة لم يفسر إلا بالمأثور.ولعل أبن مسعود فسر الآية بذلك،لدلالة سياقها علية،إذ القصد تزهيد الأنصار في أن تطمح أنفسهم لما جعل للمهاجرين دونهم. أو هو يرى الفرق بين الشح والبخل بما ذكره.وعلى كل،فلا يتعين تأويل الآية بما ذكره،بل هي مما تحتمله.
وعن ابن زيد في الآية قال:من وقى شح نفسه فلم يأخذ من الحرام شيئا ، ولم يقربة،ولم يدعة الشح أن يحبس من الحلال شيئا،فهو من المفلحين.
وروى ابن جرير عن انس ابن مالك قال:قال رسول الله_صلى الله علية وسلم_بريء من الشح من أدى الزكاة،وقرى الضيف،وأعطى في النائبة.
وروى الإمام أحمد(18)عن عبد الله بن عمرو قال:قال رسول الله_صلى الله علية وسلم_:اتقوا الظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة،واتقوا الفحش فان الله لا يحب الفحش ولا التفحش،وإياكم والشح فإنه أهلك من قبلكم:أمرهم بالظلم فظلموا،وأمرهم بالفجور ففجروا،,أمرهم بالقطيعة فقطعوا.
وعن أبى هريرة(19)أنة سمع رسول الله_صلى الله علية وسلم_ يقول:لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف عبد أبدا،ولا يجتمع الشح والأيمان في قلب عبد أبدا.
تنبيهات:
5.الأول-قال السيد ابن المرتضى في(إيثار الحق): مقام معرفة كمال الرب الكريم،وما يجب له من نعوته وأسمائه الحسنى،من تمام التوحيد الذي لابد منة.لأن كمال الذات بأسمائها الحسنى،ونعوتها الشريفة.ولاكمال لذات لانعت لها ولاإسم.ولذلك عد مذهبالملاحدة في مدح الرب بنفيها،من أعظم مكايدهم للإسلام،فإنهم عكسوا المعلوم عقلا وسمعا فذموا الأمر المحمود، و مدحوا الأمر المذموم, القائم مقام النفي, و الجحد المحض, و ضادوا كتاب الله و نصوصه الساطعة. قال الله جل جلاله (و لله الأسماء الحسني فادعوه بها و ذروا الذين يلحدون في أسمائه)(20). و قال سبحانه و تعالى (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى)(21). فما كان منها منصوصا في كتاب الله وجب الإيمان به على الجميع, و الإنكار على جحده, أو زعم أن ظاهره اسم ذم لله سبحانه. و ما كان في الحديث وجب الإيمان به على من عرف صحته. و ما نزل عن هذه المرتبة, أو كان مختلفا في صحته, أم يصح استعماله, فإن الله أجل من أن يسمي باسم لم يتحقق أنه تسمى به.
ثم قال: و عادة بعض المحدثين أن يوردوا جميع ما ورد في الحديث المشهور في تعدادها, مع الاختلاف الشهير في صحته. و حسبك أن البخاري و مسلما تركا تخريجه مع رواية أوله.
و اتفاقهم على ذلك يشعر بقوة العلة فيه. و لكن الأكثرين اعتمدوا ذلك تعرضا لفضل الله العظيم في وعده من أحصاها بالجنة, كما اتفق على صحته. و ليس يستقين إحصاؤها بذلك إلا لو لم يكن لله سبحانه اسم غير تلك الأسماء, فأما إذا كانت أسماؤها سبحانه أكثر من أن تحصى, بطل اليقين بذلك, و كان الأحسن الاقتصار على ما في كتاب الله, و ما اتفق على صحته بعد ذلك, و هو النادر.
و قد ثبت أن أسماء الله تعالى أكثر من ذلك المروى بالضرورة و النص. ثم أطال رحمة الله في ذلك و أطاب. فليرجع إليه النهم بالتحقيقات.
الثاني_ قال الغزالي في (المقصد الأسني) – و هو من أنفس ما ألف في معاني الأسماء الحسنى:- هل الصفات والأسامى المطلقة على الله تعالى تقف على التوقيف،أو يجوز بطريق العقل؟والذي مال إليه القاضي أبو بكر الباقلانى أن ذلك جائز، إلا ما منع منة الشرع،أو أشعر بما يستحيل معناه على الله تعالى. فأما مالا مانع فيه فإنه جائز. والذي ذهب إليه الشيخ أبو الحسن الأشعري ، رحمة الله علية،أن ذلك موقوف على التوقيف ، فلا يجوز أن يطلق في حق الله تعالى ماهو موصوف بمعناه ، إلا إذا أذن فيه.
والمختار عندنا أن نفصل ونقول: كل ما يرجع إلى الاسم ، فذلك موقوف على الأذن ، وما يرجع إلى الوصف ، فذلك لا يقف على الأذن ، بل الصادق منه مباح دون الكاذب. ثم جود رحمه الله البيان بما لا غاية بعده .
6_الثالث_قال السيد ابن المرتضى في (إيثار الحق) : قد تكلم على معانيها جماعة من أهل العلم و التفسير ،وأكثرها واضح ،والعصمة فيها عدم التشبه،وهو أصل عظيم ، وذلك تفسير الحسنى جملة : فاعلم أنها جمع (الأحسن) لا جمع الحسن . و تحت هذا سر نفس : وذلك أن (الحسن) من صفات الألفاظ ، ومن صفات المعاني . فكل لفظ له معنيان حسن و أحسن ، فالمراد الأحسن منهما حتى يصح جمعه على (حسنى) ، ولا يفسر بالحسن منهما إلا الأحسن بهذا الوجه . ثم بين مثال ذلك فانظره .
المراجع والهوامش
ــ
1ـ انظر : جمال القراء 1/37، القرطبي .. الجامع لأحكام القرآن (س:59)، الفيروز أبادي .. بصائر ذوي التمييز 1/458، البقاعي .. نظم الدرر (س:59)، السيوطي .. الإتقان (النوع : 17) ، الشوكاني .. فتح القدير ، الألوسي .. روح المعاني (س:59).
2ـ القاسمي .. محاسن التأويل (س : 59).
3ـ البقاعي .. نظم الدرر (س:59).
4ـ انظر البقاعي ، السيوطي، الشوكاني، الألوسي (مصادر سابقة).
5ـ ... ؟
6ـ السيوطي .. الإتقان (النوع:17).
7_ انظر : مكي ..التبصرة ص 2349 السخاوي .. جمال القراء 1/2221 الفيروز ابادي... بصائر 1/458 الالوسي .. روح المعاني (س : 59) نثر المرجان 7/266
8_ الواحدي .. أسباب النزول .
9_ لباب النطول ص 214 .
10_ نظم الدرر 19/403 .
11_ نظم الدرر 19/402 .
12_ انظر : الأساس 10/5812 و ما بعدها .
13_ تفسير المراغي 28/59 .
14_ القاسمي .
15_ الأنفال(41)
16_ الإنسان/8
17_ البقرة/177
18_ أخرجه في مسندة
19_ أخرجه النسائي في كتاب الجهاد،باب فضل من عمل فى سبيل الله على قدمه.
20_ (7/الأعراف/180).
21_ (17/الإسراء/110). |
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق