إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

سبحان الله والحمد لله والله أكبر

الخميس، 24 نوفمبر 2011

مفاتيح سورة غافر

مفاتيح سورة غافر
أولاً:اسم السورة
وهذه السورة تسمى بما يلي:
1- سورة غافر.(1)
وذلك: لافتتاحها.
2- سورة المؤمن.(2)
وذلك: لاشتمال السورة على حديث مؤمن آل فرعون، في قوله تعالى {وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ...} [الآيات 28 وما بعدها]، المتضمنة: دلائل النبوة, ورفع الشبه عنها، والمواعظ والنصائح، وسلامته عن أعدائه، وعما أخذوا به.(3)
3- سورة الطول.(4)
وذلك: لقوله تعالى {ذِي الطَّوْلِ} [الآية 3]
ويذكر الإمام الفيروزابادي أن لها اسماً آخر، وهو:
4- سورة "حم الأولى"(5)
وذلك: لأنها أولى ذوات "حم"(5)



ثانياً : عدد آيات السورة و كلماتها و حروفها

عدد آياتها: (85) خمس وثمانون آية(6).
وعدد كلماتها: (1099) ألف وتسع وتسعون كلمة.
وعدد حروفها: (4970) أربعة آلاف وتسعمائة وسبعون حرفاً.



ثالثاً : ترتيب السورة فى المصحف و فى النزول

أ‌- في المصحف بعد: سورة "الزمر"، وقبل: سورة "فصلت".
ب‌- في النزول بعد: سورة "الزمر"، وقبل: سورة "فصلت".



رابعاً : سبب نزول السورة

لم يعثر البحث على آثار في ذلك.



خامساً : مكية السورة و مدنيتها

هذه السورة: مكية.
سوى قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ * لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الآيتان 56، 57]
فقد قال العلماء: إنهما مدنيتان.



سادساً : فضل السورة

ورد في فضل هذه السورة.. عدة أحاديث، نبينها حسب ما يلي:
1- عن النبي صلى الله عليه وسلم.."إن بيتكم العدو، فقولوا: حم لا ينصرون"(7)
حيث إنها: أول الحواميم، أي السورة السبع المبدوء بقوله تعالى (حم).
2- عن وائلة بن الأسقع.. أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أعطيت مكان التوراة: السبع الطوال، وأعطيت...) الحديث.(8)
3- عن عبد الله بن عمرو، قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فقال: أقرئني يا رسول الله..!!
فقال: "أقرأ ثلاثاً من ذوات ألر".
فقال: كبرت سني، واشتد قلبي، وغلظ لساني.
قال: فاقرأ ثلاثاً من ذوات حميم..
فقال: مثل مقالته.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقرأ ثلاثاً من المسبحات.
فقال الرجل: مثل مقالته الأولى.
ثم قال الرجل: يا رسول الله، أقرئني سورة جامعة.
فأقرأه النبي (إذا زلزلت الأرض زلزالها) حتى فرغ منها.
فقال الرجل: والذي بعثك بالحق، لا أزيد عليها أبدا.
ثم أدبر الرجل.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفلح الرويجل" مرتين.(9)
4- وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: آل حم ديباج القرآن.
5- وعنه أيضاً: إذا وقعت في آل حم فقد وقعت في روضات دمثات أتأنق فيهن.
6- وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إن لكل شيء لُبابا، ولباب القرآن آل حم.(10)
هذا...
وهناك من الأحاديث في فضل هذه السورة: ما لا يعتد به.
مثل:
حديث: "من قرأ حم المؤمن، إلى (إليه المصير) [الآية 30] وآية الكرسي، حين يصبح: حفظ بهما حتى يمسى، ومن قرأهما حين يمسي: حفظ بهما حتى يصبح"
حيث إن هذا الحديث: ضعيف.(11)
ومثل:
حديث: أبي بن كعب(12)، الذي فيه:
"من قرأ سورة المؤمن: لم يبق روح نبي ولا صديق ولا شهيد ولا مؤمن، إلا صلى عليه واستغفر له" (13)
حيث إنه: حديث موضوع(12)، لا يعتد به.



سابعاً : صلة السورة بما قبلها

ومناسبتها بما قبلها....:(10)
1- أنه ذكر في سابقتها ما يئول إليه حال الكافر وحال المؤمن،
وذكر هنا أنه غافر الذنب؛ ليكون ذلك استدعاء للكافر إلى الإيمان والإقلاع عن الكفر.
2- أنه ذكر في كل منهما أحوال يوم القيامة، وأحوال الكفار فيه وهم في المحشر.



ثامناً : هدف السورة

تهدف هذه السورة: إلى علاج وتوضيح قضية الحق والباطل، قضية الإيمان والكفر، قضية الدعوة والتكذيب.
نعم.. إنها تعرض لعلاج قضية العلو في الأرض والتجبر بغير الحق، وبأس الله الذي يأخذ المتعالين المتجبرين.
وفي ثنايا ذلك: تعرض موقف المؤمنين المهتدين الطائعين، وتبين نصر الله إياهم، واستغفار الملائكة لهم، واستجابة الله لدعائهم، وما ينتظرهم في الآخرة من النعيم.
وعلى الجانب المقابل: موقف المتكبرين المتجبرين في الأرض وبأس الله الذي يأخذهم بالدمار والتنكيل.(14)



تاسعاً : تقسيم آيات السورة موضوعيا

وتتكون هذه السورة من أربعة أقسام.(15)
القسم الأول.. عبارة عن (20) آية.
من الآية الأولى.. وحتى نهاية الآية (20)
وفيه:
تقرير: أن الوجود كله مسلم، مستسلم لله، وأنه لا يجادل في ذلك إلا الذين كفروا، ونهايتهم أنهم أصحاب النار.
كما تقرر: أن حملة العرش مسلمون، مستسلمون لله، وأنهم يستغفرون للذين آمنوا، ويدعون لهم.
وتصوير موقف الكافرين يوم القيامة، وهم في موقف الذلة والإنكسار: يقرون بذنوبهم، ويعترفون، وركن بلا فائدة.
وفيه كذلك: عرض صور من هذا اليوم الذي يتفرد فيه ربنا عز وجل بالحكم والقضاء، ويتوارى فيه كل الجبارين والطغاة، وسائر ما يعبد من دون الله.
والقسم الثاني.. عبارة عن (35) آية
من الآية (21) حتى نهاية الآية (55)
وفيه:
الإشارة إلى مصارع الغابرين، كمقدمة لعرض جانب من قصة موسى عليه السلام مع فرعون وهامان وقارون، تمثل موقف الطغيان من دعوة الحق.
ثم: تعرض حلقة جديدة من قصة موسى ـ لم تعرض من قبل ـ وهي: قصة مؤمن آل فرعون، الذي كان يكتم إيمانه، وحواراته مع قومه، ونصائحه لهم، وتخويفه إياهم.
ثم: حوار بين الضعفاء والمستكبرين من أهل جهنم، وبين هؤلاء من جهة وخزنة جهنم، الملائكة من جهة أخرى.
ثم: البشرى لمحمد صلى الله عليه وسلم ولأمته بالنصر، وأمره وأمته بالصبر والثقة بوعد الله تعالى.
القسم الثالث.. عبارة عن (22) آية
من الآية (56) حتى نهاية الآية (77)
وفيه:
الكشف عن علة الجدال في آيات الله، والكفر به سبحانه، وبيان ضآلة المتكبرين في هذا الوجود العظيم، الذي يقتضي تصاغر المخلوقين أما خالقهم سبحانه.
وذكر نهاية هؤلاء الجاحدين المتكبرين.
وعلى ضوء ذلك: يبشر الله رسوله صلى الله عليه وأمته بالنصر مرة أخرى، ويأمرة وأمته بالصبر والثقة بوعد الله تعالى.
القسم الرابع.. عبارة عن (8) آيات.
من الآية (78) حتى نهاية الآية (85) وهي خاتمة السورة.
وفيه:
بيان أن الله تعالى ـ أرسل قبل محمد صلى الله عليه وسلم ـ رسلاً كثيرين، وبين أيدي أقوامهم آيات وآيات، ومع ذلك فلم يؤمنوا، ولكن (لما رأوا بأسنا) : (قالوا آمنا بالله وحدة وكفرنا بما كنابه مشركين)..!!
ولكن هل يعقل هذا أو ينفع؟
كلا والله..
ولذلك (.. لم ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنت الله التي قد خلت في عبادة وخسر هناك الكافرون) [الآية 85]
وهذه هي: نتيجة الاستكبار، ونهاية المستكبرين.



عاشراً : أبرز موضوعات السورة

ومجمل ما حوته السورة الكريمة من موضوعات، هو:(10)
1- وصف الكتاب الكريم.
2- الجدل بالباطل في آيات الله.
3- وصف الملائكة الذين يحملون العرش ومن حوله.
4- طلب أهل النار الخروج منها لشدة الهول ثم رفض هذا الطلب.
5- أقامة الأدلة على وجود الإله القادر.
6- إنذار المشركين بأهوال يوم القيامة.
7- قصص موسى عليه السلام مع فرعون وما دار من الحوار بين فرعون وقومه والذي يكتم إيمانه.
8- أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالصبر على أذى قومه كما صبر أولو العزم من الرسل.
9- تعداد نعم الله على عباده في البر والبحر.



حادى عشر : بعض الدروس المستفادة

1- في قوله تعالى {فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ} [الآية 4]
درس للدعاة..
بعدم الاغترار بما عليه الكفار؛ إذْ العاقبة للمتقين، وعدم الخوف من سعة حيلهم وشدة مكرهم وقوة بطشهم.
2- في قوله تعالى {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ...} [الآية 8]
قال سعيد بن جبير: إن المؤمن إذا دخل الجنة سأل عن أبيه وابنه وأخيه.. أين هم ..؟
فيقال: إنهم لم يبلغوا طبقتك في العمل.
فيقول: إني إنما عملت لي ولهم.
فيلحقون به في الدرجة.
وتلا هذه الآية.
3- في قوله تعالى {لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ...} ؟ [الآية 16]
ورد في حديث ابن عمر: أن الله تعالى يطوي السموات والأرض بيده،
ثم يقول: أنا الملك، أنا الجبار، أنا المتكبر
أين ملوك الأرض..؟
أين الجبارون..؟
أين المتكبرون..؟
ثم يقول ثلاث مرات: لمن الملك اليوم..؟
ثم يجيب: (لله الواحد القهار).
4- في قوله تعالى {وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} [الآية 28]
عن ابن عباس: لم يؤمن من آل فرعون بموسى سوى ثلاث:
هذا الرجل،
وامرأة فرعون،
والذي قال (يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك..) [القصص 20]
5- في قوله تعالى على لسان فرعون {إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}
يقول ابن كثير: جعل فرعون من نفسه واعظاً يشفق على الناس من موسى عليه السلام.
ونقول: وهذه طبيعة الطغاة، في كل عصر وجيل.
6- في قوله تعالى {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} [الآية 35]
روى ابن أبي حاتم: أنه لا يكون الإنسان جباراً، حتى يقتل نفسين بغير حق.
ونقول: فما بالك بمن يقتل من عباد الله ما لا يحصى ولا يعد بغير حق..!!
7- في قوله تعالى {وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [الآية 25]
مع قوله تعالى {وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ} [الآية 37]
البشارة لأهل الإيمان: أن يطمئنوا إلى العاقبة، وإلى أن يعرفوا أن أعداء الله ليسوا على شيء مهما علا سلطانهم، وامتد بغيهم.
وهذا في الدنيا.. وما عند الله أشد.
8- في قوله تعالى {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ * يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [الآيتان 38، 39]

إشارة إلى أن بداية الرشاد وطريقة هو:

الزهد في الدنيا، والعمل للآخرة.
9- في قوله تعالى {فَلَمَّا جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ....} [الآية 83]
إشارة إلى أن العلم الدنيوي عامل من عوامل الغرور الصاد عن إتباع الحق.
ولقد وصل الغرور البشري إلى ذروته،
فأصبح أهل العلم بقوانين هذا الكون: يحتقرون كل العلوم الدينية وأهلها, إلا المنصفين منهم، وقليل ما هم.



ثانى عشر : مصادر المفاتيح و هوامش البحث

1- انظر: السخاوي / جمال القراء 1/37
القرطبي / الجامع لأحكام القرآن [تفسير سورة غافر]
البقاعي / نظم الدرر [تفسير سورة غافر]
الزركشي / البرهان [النوع 14]
السيوطي / الإتقان [النوع 17]
الشوكاني / فتح القدير [تفسير سورة غافر]
الآلوسي / روح المعاني [تفسير سورة غافر]
القاسمي / محاسن التأويل [تفسير سورة غافر]
2- انظر: السخاوي، القرطبي، الفيروزابادي، البقاعي، الزركشي، السيوطي، الشوكاني، الآلوسي، القاسمي.
[مصادر سابقة]
3- انظر: القرطبي، الفيروزابادي، البقاعي، السيوطي، الشوكاني، الآلوسي
[مصادر سابقة]
4- انظر: القرطبي، الجمل، الشوكاني، الألوسي، القاسمي
[تفسير سورة غافر]
5- الفيروزابادي بصائر ذوي التمييز 1/409
6- انظر: مكي بن أبي طالب / التبصرة ص316
السخاوي / جمال القراء 1/215
الفيروزابادي / بصائر 1/309
النيسابوري / غرائب القرآن [تفسير سورة غافر]
الآلوسي / روح المعاني [تفسير سورة غافر]
محمد غوث / نثر المرجان [تفسير سورة غافر]
7- أخرجه: أبو داود.. كتاب: الجهاد، باب: في الرجل ينادي بالشعار.
والترمذي.. كتاب: الجهاد، باب ما جاء في الشعار.
وصححه الألباني
[صحيح سنن الترمذي 2/136]
8- انظر: مفاتيح سورة البقرة بحث [فضل السورة]
9- أخرجه: أبو داود.. كتاب: الصلاة، باب تحزيب القرآن.
البيهقي في الشعب، باب: في تعظيم القرآن، فصل: في فضائل السور والآيات.
والحديث: إسناده حسن.
قال الحاكم: حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
10- انظر: المراغي / تفسير المراغي [تفسير سورة الزمر]
11- الحديث: أخرجه
الترمذي.. كتاب: فضائل القرآن، باب: ما جاء في سورة البقرة وآية الكرسي.
والبيهقي في الشعب.. باب: في تعظيم القرآن، فصل: في فضائل السور والآيات.
وقد ضعفة الألباني.. انظر [ضعيف سنن الترمذي ص341].
12- انظر: تخريجه، والحكم عليه، في مفاتيح سورة البقرة،
بحث [فضل السورة]
13- انظر: تفسير البيضاوي أنوار التنزيل [تفسير سورة غافر]
سيد قطب في ظلال القرآن [تفسير سورة غافر]
15- انظر: سعيد حوي / الأساس في التفسير [تفسير سورة غافر]
سيد قطب / في ظلال القرآن [تفسير سورة غافر]



فضيلة الدكتور عبد الحي الفرماوي
رئيس قسم التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر

ليست هناك تعليقات:

« كَفَّارَةُ المَجْلِسِ »

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ في مَجْلِسِهِ ذَلِكَ » .