إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

سبحان الله والحمد لله والله أكبر

الخميس، 24 نوفمبر 2011

مفاتيح سورة العنكبوت

مفاتيح سورة العنكبوت
أولاً:اسم السورة
هذه السورة.. تسمى بما يلي:
1- سورة العنكبوت(1):
وذلك: لاشتمالها على آية {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ....} [الآية 41] المشيرة إلى: أن من اعتمد على قوة الأصنام ونفعها، وحفظها من العذاب.. مثله كمثل العنكبوت: اعتمدت على قوة بيتها، التي لا تحتمل من أدنى الحشرات والرياح، وحفظها عن الحر والبرد، وهذا.. أتم في الدعوة إلى التوحيد، الذي هو أعظم مقاصد القرآن(2).
2- آلـم أحسب الناس.. ؟(3)
وذلك ـ فيما يبدو ـ لافتتاحها بها.



ثانياً : عدد آيات السورة و كلماتها و حروفها

وعدد آياتها: (69) تسع وستون آية.
كلماتها: (980) تسعمائة وثمانون كلمة.
حروفها: (4195) أربعة آلاف ومائة وخمسة وتسعون حرفاً.



ثالثاً : ترتيب السورة فى المصحف و فى النزول

أ‌- في المصحف.. بعد: سورة "القصص"، وقبل: سورة "الروم".
ب‌- في النزول.. بعد: سورة "الروم"، وقبل: سورة "المطففين".



رابعاً : سبب نزول السورة

لم نعثر على سبب لنزولها كلها, سوى ما ذكر في فضل سورة الأنعام. ولكن توافرت المصادر على آيات منها ذات أسباب لنزولها.
ومن ذلك(5):
قوله تعالى: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ} الآيتان, قال الشعبي: نزلت في أناس كانوا بمكة قد أقروا بالإسلام، فكتب إليهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة أنه لا يقبل منكم إقرار الإسلام ولا إسلام حتى تهاجروا.
فخرجوا عامدين إلى المدينة فاتبعهم المشركون فآذوهم، فنزلت فيهم هذه الآية وكتبوا إليهم أن قد نزلت فيكم آية كذا وكذا، فقالوا: نخرج فإن اتبعنا أحد قاتلناه، فخرجوا فاتبعهم المشركون فقاتلوهم، فمنهم من قتل ومنهم من نجا، فأنزل الله تعالى فيهم { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ } الآية.
وقال مقاتل: نزلت في مهجع مولى عمر بن الخطاب كان أو قتيل من المسلمين يوم بدر رماه عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "سيد الشهداء مهجع، وهو أول من يدعى إلى باب الجنة من هذه الأمة"، فجزع عليه أبواه وامرأته، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية، وأخبر أنه لابد لهم من البلاء والمشقة في ذات الله تعالى.
وقوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} الآية: قال المفسرون: نزلت في سعد بن أبي وقاص وذلك أنه لما أسلم قالت له أمه جميلة: يا سعد بلغني أنك صبوت فو الله لا يظلني سقف بيت من الضح والريح ولا آكل ولا أشرب حتى تكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم وترجع إلى ما كنت عليه، وكان أحب ولدها إليها، فأبى سعد فصبرت هي ثلاثة أيام لم تأكل ولم تشرب ولم تستظل بظل حتى غشى عليها، فأتى سعد النبي صلى الله عليه وسلم وشكا ذلك إليه، فأنزل الله تعالى هذه الآية والتي في لقمان والأحقاف.
أخبرنا أبو سعد بن أبي بكر الغازي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان قال: أخبرنا أبو يعلى قال: أخبرنا أبو خيثمة قال: أخبرنا الحسن بن موسى قال: أخبرنا زهير قال: أخبرنا سماك بن حرب قال: حدثني مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قال: نزلت هذه الآية فيّ, قال: حلفت أم سعد لا تكلم أبداً حتى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب ومكثت ثلاثة أيام حتى غشي عليها من الجهد، فأنزل الله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} رواه مسلم عن أبي خيثمة.
وقوله تعالى: {وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي} الآية. أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحافظ قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: أخبرنا أبو يعلى قال: أخبرنا أحمد بن أيوب بن راشد الضبي قال: أخبرنا مسلمة بن علقمة قال: أخبرنا داود بن أبي هند عن أبي عثمان النهدي أن سعد بن مالك قال: أنزلت في هذه الآية: {وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا}, قال كنت رجلاً براً بأمي، فلما أسلمت قالت: يا سعد ما هذا الدين الذي قد أحدثت، لتدعن عن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعير بي فيقال يا قاتل أمه،
قلت: لا تفعلي يا أمه فإني لا أدع ديني هذا لشيء، قال: فمكثت يوماً لا تأكل فأصبحت قد جهدت، قال: فمكثت يوماً آخر وليلة لا تأكل، فأصبحت وقد اشتد جهدها، قال: فلما رأيت ذلك قلت تعلمين والله يا أمه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني هذا لشيء، إن شئت فكلي وإن شئت فلا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت، فأنزل هذه الآية { وَإِن جَاهَدَاكَ } الآية.



خامساً : مكية السورة و مدنيتها

هذه السورة: مكية، إلا من أولها إلى قوله تعالى {وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ} [الآية 11].



سادساً : فضل السورة

لم نعثر على آثار خاصة بها.



سابعاً : صلة السورة بما قبلها

ووجه اتصالها بما قبلها من وجوه(6):
1- أنه ذكر في السورة السالفة استعلاء فرعون وجبروته، وجعله أهلها شيعاً، وافتتح هذه السورة بذكر المؤمنين الذين فتنهم المشركون، وعذبوهم على الإيمان، دون ما عذب به فرعون بني إسرائيل، تسلية لهم بما وقع لمن قبلهم، وحثاً لهم على الصبر، كما قال: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ}.
2- ذكر في السورة السابقة نجاة موسى من فرعون وهربه منه ثم عوده إلى مصر رسولاً نبياً، ثم ظفره من بعد بغرق فرعون وقومه ونصره عليهم نصراً مؤزراً، وذكر هنا نجاة نوح عليه السلام وأصحاب السفينة وإغراق من كذبه من قومه.
3- نعي هناك على عبده الأصنام والأوثان، وذكر أنه يفضحهم يوم القيامة على رءوس الأشهاد, وهنا نعى عليهم أيضاً وبين أنهم في ضعفهم كضعف بيت العنكبوت.
4- هناك قص قصص قارون وفرعون، وهنا ذكرهما أيضاً، وبين عاقبة أعمالهما.
5- ذكر هناك في الخاتمة الإشارة إلى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ}، وفي خاتمة هذه أشار إلى هجرة المؤمنين بقوله: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ}.



ثامناً : هدف السورة

وهدفها: الحث على الاجتهاد: في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والدعاء إلى الله تعالى وحده، من غير فتور، ومن غير تعريج على غيره سبحانه أصلاً.
فهي: سورة ضعف الكافرين، وقوة المؤمنين.
وهذا سر تسميتها "بالعنكبوت".
وأسمها: دال على مقصودها(7).



تاسعاً : تقسيم آيات السورة موضوعيا

تكون هذه السورة من: مقدمة، وفقرتين(8)
المقدمة.. عبارة عن (4) آيات.
من الآية الأولى، حتى نهاية الآية (4).
وفيها:
تصحيح لتصورين هامين:
الأول: تصور من يظن أن الإيمان لا يرافقه امتحان.
والثاني: تصور الكافر أنه إذا لم يمتحن فإنه يفلت من عذاب الله عز وجل.
وعلى هذا: فقد دلت هذه المقدمة على أن الإيمان يرافقه امتحان، وأن علامة الصدق في الإيمان النجاح في الامتحان.


والفقرة الأولى.. عبارة عن (40) آية.

من الآية (5) حتى نهاية الآية (40).
علاج قضية الابتلاء والتكليف، من خلال عرض المعاني المجردة.
ثم: ضرب الأمثال.. فتضرب أمثالاً من التاريخ، ومثلاً من عالم الواقع، فيما يخدم المعاني السابقة.


وأما الفقرة الثانية .. فهي عبارة عن (25) آية.

من الآية (45) حتى نهاية الآية (69) وهي خاتمة السورة.
وفيها:
الأمر: بتلاوة القرآن، وبإقامة الصلاة، وبذكر الله.. وهذه الثلاث هي زاد الطريق في المحنة.
ثم يرسم الطريق لمعالجة مواقف كافرة.
ويبين أخيراً: ظلم الكافرين، وطريق الهداية للراغبين.



عاشراً : أبرز موضوعات السورة

تزخر هذه السورة الكريمة بكثرة الموضوعات، ومن ذلك(6):
1- اختبار المؤمنين ليعلم صدقهم في إيمانهم.
2- في الجهاد فائدة للمجاهد، والله غني عن ذلك.
3- الحسنات يكفّرن السيئات.
4- الأمر بالإحسان إلى الوالدين وبرهما مع عدم طاعتهما في الإشراك بالله.
5- حال المنافق الذي يظهر الإيمان ولا يحتمل الأذى في سبيل الله.
6- حال الكافرين الذين يضلون غيرهم، ويقولون للمؤمنين: نحن نحمل خطاياكم إن كنتم ضالين.
7- قصص الأنبياء: كنوح وإبراهيم ولوط وشعيب وصالح وموسى وهارون، وبيان ما آل إليه أمر الأنبياء من النصر، وأمر أممهم من الهلاك بضروب مختلفة من العقاب.
8- حجاج المشركين بضرب الأمثال لهم مما فيه تقريعهم وتأنيبهم.
9- حجاج أهل الكتاب، والنهي عن جدلهم بالفظاظة والغلظة.
10- إثبات النبوة ببيان صدق معجزته صلى الله عليه وسلم.
11- ذكر بعض شبههم في نبوته، والرد على ذلك.
12- استعجالهم بالعذاب تهكماً.
13- أمر المؤمنين بالفرار بدينهم من أرض يخافون فيها الفتنة.
14- العاقبة الحسنى للذين يعملون الصالحات.
15- اعترافهم بأن الخالق الرازق هو الله.
16- بيان أن الدار الآخرة هي دار الحياة الحقة.
17- امتنانه على قريش بسكناهم البيت الحرام، ثم كفرانهم بهذه النعمة بإشراكهم به سواه.



حادى عشر : بعض الدروس المستفادة

1- في قوله تعالى { وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [الآية 48].
دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب, وفيها ردّ على من زعم أنه كتب. انتهى.
وقال ابن كثير: وهذه صفته في الكتب المتقدمة. كما قال تعالى { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ} [الأعراف 157].
وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائماً لا يحسن الكتابة ولا يخط سطراً ولا حرفاً بيده, بل كان له كتّاب يكتبون بين يديه الوحي والرسائل إلى الأقاليم.
ومن زعم، من متأخري الفقهاء، كالقاضي ابن الوليد الباجي ومن تابعه، أنه عليه السلام كتب يوم الحديبية: "هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله".
فإنما حملة على ذلك..
رواية في صحيح البخاري(9) (ثم أخذ فكتب).
وهذه محمولة على الرواية الأخرى (ثم أمر فكتب).
ولهذا اشتد النكير من فقهاء المشرق والمغرب على من قال بقول الباجي، وتبرءوا منه وأنشدوا في ذلك أقوالاً وخطبوا به في محافلهم.
وإنما أراد الرجل أعني الباجي فيما يظهر عنه, أنه كتب ذلك على وجه المعجزة, لا أنه كان يحسن الكتابة.
وما أورده بعضهم من الحديث، أنه لم يمت صلى الله عليه وسلم حتى تعلم الكتابة، فضعيف لا أصل له. انتهى.
وقال الشهاب: وممن ذهب إلى أنه كان يحسن الكتابة، أبو ذرّ الهروى وأبو الفتح النيسابورىّ وأبو الوليد الباجي من المغاربة, وصنف فيه كتاباً، وسبقة إليه ابن منبه.
ولما قال أبو الوليد ذلك، طعن فيه ورمى بالزندقة وسب على المنابر، ثم عقد له مجلساً فأقام الحجة على مدعاه وكتب به إلى علماء الأطراف, فأجابوا بما يوافقه, وأن معرفة الكتابة بعد أميته لا تنافي المعجزة, بل هي معجزة أخرى، لكونها من غير تعليم.
ورد الإمام محمد بن مفوز كتاب الباجي لما في الحديث الصحيح: ((إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب))(10) وقال: كل ما ورد في الحديث من قوله (كتب) فمعناه أمر بالكتابة. انتهى(11).
2- في قوله تعالى:
{بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ}[الآية، 49].
{بَلْ هُوَ} أي القرآن {آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} أي العلماء به وحفاظه. وهما من خصائص القرآن كون آياته بينات الإعجاز، وكونه محفوظاً في الصدور، يتلوه أكثر الأمة ظاهراً. بخلاف سائر الكتب. فإنها لم تكن معجزات، وما كانت تقرأ إلا من المصاحف(11).



ثانى عشر : مصادر المفاتيح و هوامش البحث

1- انظر: السخاوي / جمال القراء 1/37
القرطبي / الجامع لأحكام القرآن "تفسير سورة العنكبوت"
الفيروزابادي / بصائر ذوي التمييز 1/359
الشوكاني / فتح القدير "تفسير سورة العنكبوت"
القاسمي / محاسن التأويل "تفسير سورة العنكبوت"
2- انظر: القاسمي نفسه
3- انظر: السخاوي، القرطبي "مصادر سابقة"
4- انظر: مكى بن أبي طالب / التبصرة ص289
السخاوي / جمال القراء 1/211
الفيروزابادى / بصائر ذوي التمييز 1/359
الألوسي / روح المعاني "تفسير سورة العنكبوت"
نثر المرجان 5/221
5- الواحدي أسباب النزول ص229، 230
السيوطي / لباب النقول ص169، 170
6- انظر: المراغي / تفسير المراغي "تفسير سورة العنكبوت"
7- البقاعي نظم الدرر في تناسب الآيات والسور 14/384
8- انظر: سعيد حوى / الأساس في التفسير "تفسير سورة العنكبوت"
9- انظر: البخاري كالشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالح مع أهل الحرب وكتابة الشروط.
10- انظر: البخاري كتاب الصوم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "لا نكتب ولا نحسب"
11- القاسمي / محاسن التأويل "تفسير سورة العنكبوت"



فضيلة الدكتور عبد الحي الفرماوي
رئيس قسم التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر

ليست هناك تعليقات:

« كَفَّارَةُ المَجْلِسِ »

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ في مَجْلِسِهِ ذَلِكَ » .