إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

سبحان الله والحمد لله والله أكبر

الاثنين، 28 نوفمبر 2011

– ما يشترط له الطهارة

– ما يشترط له الطهارة
أ – مقدمة

الأصل في هذا الباب : قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة} الآية، وقوله عليه الصلاة والسلام "لايقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول"


فاتفق المسلمون على أن الطهارة شرط من شروط الصلاة لمكان هذا، وإن كانوا اختلفوا هل هي شرط من شروط الصحة أو من شروط الوجوب .


ولم يختلفوا أن ذلك شرط في جميع الصلوات إلا في صلاة الجنازة وفي السجود، أعني سجود التلاوة، فإن فيه خلافا شاذا .


والسبب في ذلك : الاحتمال العارض في انطلاق اسم الصلاة على الصلاة على الجنائز وعلى السجود .


فمن ذهب إلى أن اسم الصلاة ينطلق على صلاة الجنائز وعلى السجود نفسه وهم الجمهور اشترط هذه الطهارة فيهما .


ومن ذهب إلى أنه لا ينطلق عليهما إذ كانت صلاة الجنائز ليس فيها ركوع ولا سجود، وكان السجود أيضا ليس فيه قيام ولا ركوع لم يشترطوا هذه الطهارة فيهما .


.


ب – مس المصحف


هل هذه الطهارة شرط في مس المصحف أم لا؟ :


ذهب مالك وأبو حنيفة والشافعي إلى أنها شرط في مس المصحف .


وذهب أهل الظاهر إلى أنها ليست بشرط في ذلك .


والسبب في اختلافهم تردد مفهوم قوله تعالى ( لا يمسه إلا المطهرون ) بين أن يكون المطهرون هم بنو آدم وبين أن يكونوا هم الملائكة، وبين أن يكون هذا الخبر مفهمومه النهي، وبين أن يكون خبراً لا نهياً .


فمن فهم من المطهرون بني آدم، وفهم من الخبر النهي قال: لا يجوز أن يمس المصحف إلا طاهر .


ومن فهم منه الخبر فقط وفهم من لفظ المطهرون الملائكة قال: إنه ليس في الآية دليل على اشتراط هذه الطهارة في مس المصحف، وإذا لم يكن هنالك دليل لا من كتاب ولا من سنة ثابتة بقي الأمر على البراءة الأصلية وهي الإباحة .


وقد احتج الجمهور لمذهبهم بحديث عمرو بن حزم "أن النبي عليه الصلاة والسلام كتب: لا يمس القرآن إلا طاهر" وأحاديث عمرو بن حزم اختلف الناس في وجوب العمل بها لأنها مصحفة، ورأيت ابن المفوز يصححها إذا روتها الثقات لأنها كتاب النبي عليه الصلاة والسلام، وكذلك أحاديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأهل الظاهر يردونهما، ورخص مالك للصبيان في مس المصحف على غير طهر لأنهم غير مكلفين.



ت – الوضوء من الجنابة


اختلف الناس في إيجاب الوضوء على الجنب في أحوال:


أحدها : إذا أراد أن ينام وهو جنب؛ فذهب الجمهور إلى استحبابه دون وجوبه ، وذهب أهل الظاهر إلى وجوبه لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عمر "أنه ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تصيبه جنابة من الليل، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: توضأ واغسل ذكرك ثم نم" وهو أيضا مروي عنه من طريق عائشة.


وذهب الجهمور إلى حمل الأمر بذلك على الندب والعدول به عن ظاهره لمكان عدم مناسبة وجوب الطهارة لإرادة النوم، أعني المناسبة الشرعية، وقد احتجوا أيضا لذلك بأحاديث أثبتها حديث ابن عباس "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من الخلاء فأتي بطعام، فقالوا: ألا نأتيك بطهر؟ فقال: أأصلي فأتوضأ.


وفي بعض رواياته: فقيل له: ألا تتوضأ؟ فقال: ما أردت الصلاة فأتوضأ" والاستدلال به ضعيف، فإنه من باب مفهوم الخطاب من أضعف أنواعه، وقد احتجوا بحديث عائشة "أنه عليه الصلاة والسلام كان ينام وهو جنب لا يمس الماء" إلا أنه حديث ضعيف.


وكذلك اختلفوا في وجوب الوضوء على الجنب الذي يريد أن يأكل أو يشرب وعلى الذي يريد أن يعاود أهله، فقال الجمهور في هذا كله بإسقاط الوجوب لعدم مناسبة الطهارة لهذه الأشياء، وذلك أن الطهارة إنما فرضت في الشرع لأحوال التعظيم كالصلاة، وأيضا فلمكان تعارض الآثار في ذلك، وذلك أنه روي عنه عليه الصلاة والسلام "أنه أمر الجنب إذا أراد أن يعاود أهله أن يتوضأ" وروي عنه أنه كان يجامع ثم يعاود ولا يتوضأ. وكذلك روي عنه منع الأكل والشرب للجنب حتى يتوضأ. وروي عنه إباحة ذلك.



ث – الطواف


ذهب مالك والشافعي إلى اشتراط الوضوء في الطواف .


وذهب أبو حنيفة إلى إسقاطه.


وسبب اختلافهم : تردد الطواف بين أن يلحق حكمه بحكم الصلاة أو لا يلحق، وذلك أنه ثبت "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم منع الحائض الطواف كما منعها الصلاة" فأشبه الصلاة من هذه الجهة. وقد جاء في بعض الآثار تسمية الطواف صلاة، وحجة أبي حنيفة أنه ليس كل شيء منعه الحيض، فالطهارة شرط في فعله إذا ارتفع الحيض كالصوم عند الجمهور.



ج – قراءة القرآن


ذهب الجمهور إلى أنه يجوز لغير متوضئ أن يقرأ القرآن ويذكر الله .


وقال قوم: لا يجوز ذلك له إلا أن يتوضأ.


وسبب الخلاف : حديثان متعارضان ثابتان:


أحدهما : حديث أبي جهم قال "أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل، فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه السلام حتى أقبل على الجدار، فمسح بوجهه ويديه، ثم إنه رد عليه الصلاة والسلام السلام".


والحديث الثاني : حديث علي "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يحجبه عن قراءة القرآن شيء إلا الجنابة" فصار الجمهور إلى أن الحديث الثاني ناسخ للأول، وصار من أوجب الوضوء لذكر الله إلى ترجيح الحديث الأول.

=============================
المصدر : بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد .

ليست هناك تعليقات:

« كَفَّارَةُ المَجْلِسِ »

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ في مَجْلِسِهِ ذَلِكَ » .