إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

سبحان الله والحمد لله والله أكبر

السبت، 26 نوفمبر 2011

53 ـ النجم

53 ـ النجم
ــ
اسم السورة


وهذه السورة تُسمى بـ :

سورة النجم (1).
وذلك : لمفتتحها (2).
-----------------

ترتيبها


هذه السورة : مكية إلا 32 مدنية.

أ ـ في المصحف .. بعد : سورة " الطور" ، وقبل : سورة "القمر".
ب ـ في النزول .. بعد : سورة "الإخلاص"، وقبل: سورة "عبس".
------------------

صلتها بما قبلها


1ـ لما ختمت الطور بأمره ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالتسبيح والتحميد، وكان أمره تكوينياً لا تكليفياً .. فكان فاعلاً لا محالة.

وذلك بعد تقسيمهم القول في النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأنه كاهن وساحر ومجنون، وكان لذلك تعلق بالشياطين ، وكانت الشياطين مباينة للقرآن بختلها وبمنعها بالرجوم من النجوم كما يبين آخر الشعراء .. !!
افتتحت هذه بالحث على الاهتداء بهديه والاستدلال به، واتباع أثره ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
ولما كان من ذلك تسبيحه بالحمد في أدبار النجوم : أقسم أول هذه بالنجم على وجه أعم مما في آخر تلك (3).
2ـ إذا كانت سورة الطور : قد ناقشت الكافرين في مفاهيمهم الخاطئة، وعقائدهم الباطلة، وأقوالهم الكاذبة ، نقاشاً طويلاً ، مثل قوله تعالى : (أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون) (5) إلى قوله ( فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون) (6) .. !!
فإن سورة "النجم" : تناقشهم ـ كذلك ـ في مفاهيمهم الخاطئة، وعقائدهم الباطلة، وأقوالهم الكاذبة، نقاشاً طويلاً ، بأسلوب آخر، وقضايا أخرى، من مثل قوله تعالى ( أفرأيتم اللات والعزى ) (7) ... إلى قوله تعالى (فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ) (8).
3ـ إن السورة التي قبلها ختمت بقوله : (وإدبار النجوم) ، وبدئت هذه بقوله : (والنجم إذا هوى) (9).
4ـ إن السورة التي قبلها ذُكر فيها تقول القرآن وافتراؤه ، وذُكر هذا في مفتتح هذه السورة (9).
إنه ذكر في التي قبلها أن ذرية المؤمنين تبع لآبائهم ، وفي هذه ذكر ذرية اليهود في قوله : " هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم" (10).
إنه قال هناك في المؤمنين : " ألحقنا بهم ذريتهم " وقال هنا في الكفار (9) "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى" (11).
وهي كما أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود أول سورة أعلن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قراءتها ، فقرأها في الحرم والمشركون يسمعون ، وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي " أن أول سورة أنزلت فيها سجدة (والنجم) فسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسجد الناس كلهم إلا رجلاً رأيته أخذ كفاً من تراب فسجد عليه فرأيته بعد ذلك قتل كافراً وهو أمية بن خلف " .
--------------------

هدفها (12)


ذم الهوى ؛ لانتاجه الضلال والعمى .. بالإخلاد إلى الدنيا، التي هي دار الكدور والبلاء، والتصرم والفناء .

ومدح العلم؛ لإثماره الهدى في الإقبال على الأخرى؛ لأنها دار البقاء في السعادة أو الشقاء.
والحث على اتباع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في نذارته التي بينتها سورة (ق) وصدقتها (الذاريات) وعينتها (الطور) كما تُتُبِّع في بشارته؛ لأن علمه هو العلم؛ حيث إنه لا ينطق عن الهوى، لا في صريح الكتابة، ولا في بيانه له؛ لأن الكل عن الله، الذي له صفات الكمال، فلابد من بعث الخلق إليه، وحشرهم لديه؛ لتظهر حكمته غاية الظهور .. فيرفع أهل التزكي والظهور ، ويضع الفجور، ويفضح كل متحل بالزور، متجل للشرور.
--------------------

تقسيمها (13)


تتكون هذه السورة من : ثلاث فقرات.

الفقرة الأولى : عبارة عن (18) آية.
من الآية الأولى ، حتى نهاية الآية (18).
وفيها :
قسم على عصمة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعصمة الوحي.
وإخبار وتأكيد لرؤية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعض معالم الغيب الذي يدعو إليه.
ونفي لتهم المشركين عن الوحي، وعن الرسول ، الصادق، الأمين، الثابت القلب، الثابت البصر، ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
واستهجان ـ في ذات الوقت ـ لأن يماري رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويكذب، فيما أخبر به، وفيما رآه من آيات ربه الكبرى، بل أن يكذب بالتالي إطلاقاً.
الفقرة الثانية : عبارة عن (14) آية.
من الآية (19) حتى نهاية الآية (32).
وفيها :
هجوم على أقوال المشركين الفاسدة، وأقوالهم الكاذبة، وعقائدهم الباطلة، المبنية على الظن لا على العلم اليقيني .. مثل أقوالهم واعتقادهم في اللات والعزى ومناة، وكذلك في الملائكة.
وأمر لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالإعراض عنهم، وعدم الانشغال بهم، وتفويض الأمر فيهم لله سبحانه وتعالى، الذي (يجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى).
وحديث عن المحسنين المتقين، الذين يخشون ربهم، بعد الحديث عن المشركين الذين لا يخافون عقابه ـ يتضمن توجيهاً لهم ، يرفع من قدرهم ، ويعلي من مقامهم عند ربهم، وهو نهيهم عن تزكية أنفسهم ؛ حيث إنه تعالى هو الأعلم بمن اتقى؛ لذا ينبغي الانشغال بمراقبته ونوال رضاه.
الفقرة الثالثة : عبارة عن (30) آية .
من الآية (33) حتى نهاية الآية (60) وهي خاتمة آيات السورة.
وفيها :
مناقشة ساخرة لإعراض الكافر، وبخله بما في يده، وطغيانه بسببه، وما ذاك إلا لأنه لم يؤمن بالله تعالى ولم يخش اليوم الآخر.
وتقرير لحقائق : عن قدرة الله تعالى، وعظمته، وحكمته، تدعوا من يتدبرها إلى سرعة الإيمان به، والاحتماء بجنابه عز وجل.
وعرض لنماذج من الطغاة ، الذين أهلكهم الله تعالى بسبب فساد عقائدهم، وسوء سلوكهم.
وكلها آيات يقدمها رب العزة ، ولكن الكافرين يجادلون ويعاندون ، فيما لا يعرفون.
ثم تهديد بقرب النهاية، ومجئ الساعة، وهم في غفلة عنها.
------------------------

أبرز موضوعات السورة الكريمة (14)


ــ

1ـ إنزال الوحي على رسوله.
2ـ إن الذي علمه إياه هو جبريل شديد القوى.
3ـ قرب رسوله من ربه.
4ـ إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأى جبريل على صورته الملكية مرتين.
5ـ تقريع المشركين على عبادتهم للأصنام.
6ـ توبيخهم على جعل الملائكة إناثاً وتسميتهم إياهم بنات الله.
7ـ مجازاة كل من المحسن والمسئ بعمله.
8ـ أوصاف المحسنين.
9ـ إحاطة علمه تعالى بما في السموات والأرض.
10ـ النهي عن تزكية المرء نفسه.
11ـ الوصايا التي جاءت في صحف إبراهيم وموسى.
12ـ النعى على المشركين في إنكارهم الوحدانية والرسالة والبعث والنشور.
13ـ التعجب من استهزاء المشركين بالقرآن حين سماعه، وغفلتهم عن مواعظه.
14ـ أمر المؤمنين بالخضوع لله والإخلاص له في العمل.
-----------------------


دروس وفوائد


ــ

1ـ قال ابن جرير : إنما عنى بقوله ( ألا تزر وازرة وز أخرى ) الذي ضمن للوليد بن المغيرة أن يتحمل عنه عذاب الله يوم القيامة ؛ يقول : ألم يخبر قائل هذا القول، وضامن هذا الضمان، بالذي في صحف موسى وإبراهيم مكتوب : أن لا تأثم آثمة إثم أخرى غيرها (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) أي : وأنه لا يجازي عامل إلا بعمله، خيراً كان أو شراً . انتهى.
وظاهر السياق يشعر بنزول الآيات رداً على ما كانوا يتخرصونه ويتمنونه، ويتحكمون فيه على الغيب لجاجاً وجهلاً . ومع ذلك فمفهومها الشمولي جلي (15).
2ـ قال السيوطي في (الإكليل) : استدل به على عدم دخول النيابة في العبادات عن الحي والميت. واستدل به الشافعي على أن ثواب القراءة لا يلحق الأموات. انتهى.
وقال ابن كثير : ومن هذه الآية الكريمة استنبط الشافعي رحمه الله ومن تبعه ؛ أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى، لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم، ولهذا لم يندب إليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمته ، ولا حثهم عليه، ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء. ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة ـ رضى الله عنهم، ولو كان خيراً لسبقونا إليه. وباب القربات يقتصر فيه على النصوص، ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء. فأما الدعاء والصدقة فذاك مجمع على وصولهما، ومنصوص من الشارع عليهما.
وأما الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة (15) قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ . إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : من ولد صالح يدعو له ، أو صدقة جارية من بعده، أو علم يُنتفع به (16) فهذه الثلاثة في الحقيقة هي من سعيه وكده وعمله، كما جاء في الحديث : " إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ، وإن ولده من كسبه . والصدقة الجارية ـ كالوقف ونحوه ـ هي من آثار عمله ووقفه ، وقد قال (17) تعالى : ( إنا نحن نحيى الموتى ونكتب ما قدموا وءاثارهم ... ) الآية . والعلم الذي نشره في الناس ، فاقتدى به الناس بعده، هو أيضاً من سعيه وعمله.
وثبت في الصحيح (18) : من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعهم ، من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً . انتهى.
3ـ قال الرازي : المراد من الآية بيان ثواب الأعمال الصالحة، أو بيان كل عمل. نقول : المشهور أنها لكل عمل، فالخير مثاب عليه، والشر معاقب به، والظاهر أنه لبيان الخيرات، يدل عليه اللام في قوله تعالى (للإنسان) فإن اللام لعود المنافع، و(على) لعود المضار، تقول: هذا له، وهذا عليه، ويشهد له، ويشهد عليه، في المنافع والمضار، وللقائل الأول أن يقول بأن الأمرين إذا اجتمعا غلب الأفضل ، كجموع السلامة تذكر ، إذا اجتمعت الإناث مع الذكور، وأيضاً يدل عليه قوله تعالى (ثم يجزاه الجزاء الأوفى ) و (الأوفى) لا يكون إلا في مقابلة الحسنة، وأما في السيئة فالمثل أو دونه، أو العفو بالكلية. انتهى.

1ـ قوله تعالى ( لقد رأى من آيات ربه الكبرى) 18 في سيدنا إبراهيم (رب أرني كيف تحيى الموتى قال أو لم تؤمن ) البقرة .. في سيدنا موسى ( .. لنريك من آياتنا الكبرى اذهب إلى فرعون إنه طغى ) طه ليكون أكثر اطمئناناً للحق وقوة على مواجهة الباطل.

2ـ قوله تعالى (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى) 32 ، (ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا تظلمون فتيلاً ) مدح رجل رجلاً عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : ويلك قطعت عنق صاحبك ـ مراراً ـ إذا كان أحدكم مادحاً صاحبه لا محالة ، فليقل : أحسب فلاناً والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً" . وفي حديث آخر يقول المقداد بن الأسود : أمرنا رسول الله إذا لقينا المداحين أن تحثوا في وجوههم التراب ـ وهو يفعل ذلك ـ .
3ـ " وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى " الرجل × Y والمرأة × ×.
4ـ فاسجدوا لله واعبدوا.
سجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسجد المسلمون والمشركون الإنس والجن.
الأعراف 206 ـ الرعد 15ـ النحل 50 ـ الإسراء 109 ـ مريم 58 ـ الحج 18، 77 ـ الفرقان 73 ـ النمل 26 ـ السجدة 15ـ فصلت 38 ـ النجم 62 ـ الانشقاق 21 ـ اقرأ 19 .

* * *

المراجع والهوامش


ــ

1ـ انظر : السخاوي .. جمال القراء 1/37، الفيروزابادي 1/443، الشوكاني .. فتح القدير (س : 53) .
2ـ الفيروز أبادي ( مصدر سابق ).
3ـ نظم الدرر : 19/41240.
4ـ انظر : الأساس 10/5568.
5ـ الطور : 30.
6ـ الطور : 45.
7ـ النجم : 19.
8ـ النجم : 29.
9ـ تفسير القاسمي.
10ـ ....
11ـ ....
12ـ نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ـ ابراهيم البقاعي ت 885هـ ـ 1480م 19/40.
13ـ الأساس : 10/5569.
14ـ تفسير المراغي 27/73.
15ـ أخرجه مسلم في : 25 ـ كتاب الوسيلة .
16ـ أخرجه النسائي في : 44 ـ كتاب البيوع ، 1 ـ باب الحث على الكسب، عن عائشة.
17ـ يس .
18ـ مسلم : كتاب العلم.

ليست هناك تعليقات:

« كَفَّارَةُ المَجْلِسِ »

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ في مَجْلِسِهِ ذَلِكَ » .