54 ـ القمــر
54 ـ القمــر |
|
54 ـ القمــر
اسم السورة
وهذه السورة تُسمى بـ
1ـ سورة القمر (1)
وذلك : لاشتمالها على ذكر انشقاق القمر (2)، ولدلالته ـ كذلك ـ بسرعة سيره ، وكثرة تقلبه .. على الاقتراب ، الذي انتهت به النجم ـ بالإشارة ، لا بالعبارة (3).
2ـ سورة إقتربت (4)
وذلك : لافتتاحها بهذا .
3ـ المبيضة (5).
وذلك : لما أخرجه البيهقي عن ابن عباس : أنها تدعى في التوراة : المبيضة، أي : تبيض وجه صاحبها، يوم تسود الوجوه، وقال : أنه منكر (6).
------------------------
عدد : آياتها ، وكلماتها ، وحروفها (7).
وعدد آياتها : (55) خمس وخمسون آية .
وكلماتها : (342) ثلاثمائة واثنتان وأربعون كلمة
وحروفها : (1423) ألف وأربعمائة وثلاثة وعشرون حرفاً.
----------------------------
ترتيبها
هذه السورة .. مكية
أ ـ في المصحف .. بعد : سورة " النجم " ، وقبل : سورة " الرحمن".
ب ـ في النزول .. بعد : سورة "الطارق"، وقبل : سورة " ص" .
-----------------------------
صلتها بما قبلها
1ـ لما ختمت النجم بالتهديد باقتراب القيامة التي ينكرونها .. افتتح هذه بالدلالة على قربها ؛ ليستعدوا لها . قبل مجيئها أحسن استعداد (8).
2ـ إذا كانت سورة " النجم " : قد ذكرت بعض أوصاف المتقين، وذلك في قوله تعالى : ( .. الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم .. )(9) .. !! .
فإن سورة " القمر" : قد بينت بعض ما للمتقين عند ربهم من نعيم، وذلك في
قوله عز وجل ( إن المتقين في جنات ونهر * في مقعد صدق عند مليك مقتدر)(10).
3ـ إذا كانت سورة " النجم " (11) في آخرها : قوله تعالى (هذا نذير من النذر الأولى * أزفت الآزفة ) يعني : اقتربت الساعة .. !!
فإن سورة " القمر" : تبدأ بالكلام مباشرة عن اقتراب الساعة (اقتربت الساعة وانشق القمر) ، وتتحدث ـ كذلك ـ عن مجموعة من النذر الأولى، كما تتحدث عن القرآن الكريم ، وتتكرر بها هذه اللازمة ( ولقد يسرنا هذا القرآن فهل من مدكر ) .. ؟
وهكذا .. نجد أن سورة " القمر" : ترتبط بالمعاني التي ذكرت في أواخر سورة "النجم".
وبذلك : نرى أن هذا القرآن تتعانق سوره ، وتتعانق معانيه بهذا الشكل المعجز العجيب ، الذي لا يخطر على قلب بشر ، فضلاً عن أن يستطيعه بشر.
--------------------------
فضلها
قال ابن كثير : ورد في حديث أبي واقد .. أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يقرأ بـ ( قاف) ، و (اقتربت الساعة) في الأضحى والفطر.
وكان يقرأ بها في المحافل الكبار. لاشتمالها على ذكر : الوعد والوعيد، وبدء الخلق وإعادته، والتوحيد، واثبات النبوات، وغير ذلك من المقاصد العظيمة (12) ! .
---------------------------
هدف السورة
1ـ إتيان أمر الساعة من تحققها ، وشدة قربها، وتصنيف أهلها، إلى طالب علم مهتد به، وإلى متبع نفسه هواها وشهواتها ضال بإهمالها فهو خائب.
وذلك : لأنه سبحانه وعد بذلك ، بإخبار نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتحقق صدقه بما أيده به من آياته التي ثبت بها اقتداره على ما يريد من الإيجاد والإعدام (13).
2ـ بيان عدم استفادة الكافرين بآيات الله ونُذُره البليغة لهم، وتوضيح جزائهم في الدنيا والآخرة .
أخرج الشيخان والحاكم واللفظ له عن ابن مسعود قال : رأيت القمر منشقاً شقتين بمكة قبل مخرج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالوا : سحر القمر، فنزل (14) (اقتربت الساعة وانشق القمر) .
وأخرج الترمذي عن أنس قال : سأل أهل مكة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ آية ، فانشق القمر بمكة مرتين ، فنزلت ( اقتربت الساعة وانشق القمر) إلى قوله (سحر مستمر).
-----------------------------
تقسيمها
تتكون هذه السورة من : ثلاث فقرات ، تتعانق معانيها (15).
الفقرة الأولى : عبارة عن (8) آيات.
من الآية الأولى : حتى نهاية الآية (8).
وفيها :
إعلان : باقتراب الساعة.
وإعلام : بأن الكفار كلما رأوا آية ـ ومنها علامات اقتراب الساعة ـ يعرضوا عن الانتفاع بها ، ويقولوا : هذا سحر مستمر.
وما ذلك الإعراض منهم : إلا لأنهم .. كذبوا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وكفروا بما بلغه عن ربه ، واتبعوا أهواءهم، ثم أمر النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ : بالإعراض عنهم، وعدم الانشغال بهم، بعد أن بلغهم .. فلم يستجيبوا ، وبعد أن رأوا الآيات .. فلم ينتفعوا بها ، وأن ينتظر فيهم عقاب الله عز وجل يوم القيامة ، وهو تسجيل لمواقفهم ، ليس فيه مناقشة لهم.
ويلاحظ : أن القرآن الكريم مع تقريره أن نوعاً من الكفار لن يستفيدوا من الإنذار .. فإنه قد أنذر.
ولذلك حكمته .. !!
ومن حكمته :
إقامة الحجة عليهم.
كما أنه : قد يؤمن كافر لم يصل إلى الحضيض من أخلاق الكافرين؛ فيكون الإنذار .. تطهيراً له .
وأيضاً : فقد يتسلل إلى بعض المؤمنين بعض من أخلاق الكافرين ؛ فيكون الإنذار .. تربية له .
والفقرة الثانية : عبارة عن (34) آية .
من الآية (9) حتى نهاية الآية (42).
وفيها :
عرض لنماذج من المكذبين السابقين ، وما حل بهم من العقوبة في الدنيا قبل الآخرة ، نتيجة تكذيبهم وعنادهم.
وفي عرض هذه النماذج على كفار مكة : تخويف لهم، وزجر لعنادهم، ودعوة لإيمانهم قبل هلاكهم.
وفي كل نموذج مما عرض : بيان لتكذيب أمة لرسولها، وعقاب على هذا التكذيب بلون خاص يناسبها.
وهذه النماذج التي عرضتها الفقرة هي :
قوم نوح ـ عليه السلام ـ .
قوم هود ـ عليه السلام ـ .
قوم صالح ـ عليه السلام ـ .
قوم لوط ـ عليه السلام ـ .
فرعون وقومه.
ويلاحظ : أن قصة كل أمة من هذه الأمم ، قد ختمت ما عدا القصة الأخيرة ـ بقوله تعالى ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) .. !!
وفي الختام بهذه الآية في كل قصة ما يفيد : توجيه الدعوة والإنذار إلى كفار مكة .. أي : تذكروا واعتبروا بهذا القصص ، ولا تكذبوا نبيكم، كما كذب من قبلكم ؛ فيصيبكم مثل ما أصابهم، خاصة : وأن الحجة قائمة عليكم، والقرآن ميسر لكم ، لتتذكروا به .. فلا تعرضوا عنه ، ولا تكذبوه ، واتعظوا بمواعظه، والتزموا أمره ونهيه.
والفقرة الثالثة : عبارة عن (13) آية .
من الآية (43) حتى نهاية الآية (55) وهي خاتمة آيات السورة .
وفيها :
خطاب تهديد لكفار هذه الأمة ـ بعد عرض موقفهم في الفقرة الأولى ـ يتضمن مناقشتهم ، وتحطيم غرورهم، ودحض أقوالهم، وبيان أن الساعة، وما فيها من أهوال في انتظارهم ، وكل ما فعلوه مسجل لدينا، ومسطر في صحفهم.
ويلاحظ : أن هذا الخطاب ، وهذا التهديد : فيه إنذار ـ أيضاً ـ لهم ، وتذكير.
ثم : تختم الفقرة : بتبشير المؤمنين المصدقين المتقين بما لهم عند ربهم من الكرامة والرضوان .. وذلك على طريقة القرآن في الإنذار والتبشير.
----------------------
أبرز موضوعات هذه السورة الكريمة (16)
ــ
1ـ الإخبار بقرب مجئ الساعة.
2ـ تكذيب المشركين للرسول وقولهم في معجزاته : إنها سحر مفترى.
3ـ غفلتهم عما في القرآن من الزواجر.
4ـ أمر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالإعراض عنهم حتى يأتي قضاء الله فيهم.
5ـ إنذارهم بأنهم سيحشرون أذلاء ناكسي الرءوس مسرعين كأنهم جراد منتشر.
6ـ قصص المكذبين من سالفي الأمم كقوم نوح وثمود وقوم فرعون وما لاقوه من الجزاء على تكذيبهم.
7ـ توبيخ المشركين على ما هم فيه من الغفلة عن الاعتبار بهذه النذر.
8ـ ما يلاقونه من الجزاء في الآخرة إهانة وتحقيراً لهم.
9ـ بيان أن كل ما في الوجود فهو بقضاء الله وقدره.
10ـ نفاذ مشيئة الله وسلطانه في الكون.
11ـ بيان أن كل أعمال المرء في كتاب قد خطه الكرام الكاتبون
12ـ ما أوتيه المتقون من الكرامة عند ربهم وما لهم من الزلفى لديه.
---------------------
دروس
2 ـ انشقاق القمر
عن أنس بن مالك قال :
سأل أهل مكة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ آية .. فانشق القمر بمكة مرتين.
وعن جابر بن مطعم قال :
انشق القمر على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فصار فرقتين ، فرقة على هذا الجبل ، وفرقة على هذا الجبل ..
قال ابن مسعود : فقال كفار قريش أهل مكة : هذا سحر سحركم به محمد ، انظروا السفار، فإن كانوا رأوا ما رأيتم فقد صدق، وإن كانوا لم يروا مثل ما رأيتم فهو سحر سحركم به .. قال : فسئل السفار ـ وقد قدموا من كل جهة ـ فقالوا رأينا (17).
* * *
المرجع والهوامش
ــ
1ـ انظر : السخاوي .. جمال القراء 1/37، الفيروز أبادي .. بصائر ذوي التمييز 1/445، البقاعي .. نظم الدرر (س 540) ، السيوطي .. الإتقان (النوع: 17) ، الشوكاني .. فتح القدير (س : 54) .
2ـ الفيروز أبادي (مصدر سابق).
3ـ البقاعي (مصدر سابق) بتصرف يسير.
4ـ انظر : السخاوي ، البقاعي ، السيوطي ، الشوكاني (مصادر سابقة).
5ـ انظر : السيوطي ، والشوكاني (مصادر سابقة).
6ـ السيوطي .. الإتقان (النوع : 17) ، والشوكاني .. فتح القدير (س: 54).
7ـ انظر : مكي .. التبصرة ص 340 ، السخاوي .. جمال القراء 1/218، الفيروز أبادي .. بصائر ذوي التمييز 1/445، الألوسي .. روح المعاني (س:54)، نثر المرجان 7/110.
8ـ نظم الدرر 19/87.
9ـ النجم : 32.
10ـ القمر : 54 ، 55.
11ـ الأساس : 10/ 5602.
12ـ القاسمي : 25915.
13ـ نظم الدرر : 19/86.
14ـ أسباب النزول : 207، 208.
15ـ الأساس في التفسير :
16ـ تفسير المراغي : 27/103.
17ـ الفتح الرباني : 20/222.
************* |
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق