إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

سبحان الله والحمد لله والله أكبر

الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011

أخوة المؤمنين وأخوة المنافقين (كما تصورها سورة الحشر)

أخوة المؤمنين وأخوة المنافقين (كما تصورها سورة الحشر)
إن التماسك الاجتماعي بين أفراد الأمة من الأسس الهامة التي تقوم عليها وتتحدى بسببها كل الخصوم، وتلك سنة كونية أن الخصم لا يتغلب إلا بانهيار البنيان الاجتماعي وتفكك أوصاله، وأن يكون بأس أفراد المجتمع فيما بينهم شديداً، ومن هنا كان الحرص مبكرا في تأسيس الدولة الإسلامية على تحقيق الأخوة بين المهاجرين والأنصار ونزع فتيل الفرقة والعصبية والحزبية بينهما بل سبق ذلك أخوة المهاجرين مع بعضهم مع اختلاف البطون والقبائل، وكذلك أخوة الأنصار أوسهم وخزرجهم وأصبحوا جميعا معتصمين بحبل الله غير متفرقين متآلفين عباد الله إخوانا، وسجلوا أسمى وأقدس الصور في معاني الأخوة الصادقة الحقيقية·

هذا التآخي لم يكن مجرد شعار للمزايدة ودغدغة العواطف والالتفاف حول المعاني السامية بالأكاذيب والتدليس والتلبيس، لكنه معنى خالط قلوبهم ومشاعرهم، لحمهم ودمهم، برز ذلك في سلمهم وحربهم، وفقرهم وغناهم، مستضعفين وممكن لهم، أفرادا وجماعات·

ويصور القرآن الكريم هذا الوضع غير المسبوق في أبلغ عبارة وأجزلها فيقول سبحانه: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون· والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}(الحشر 8-9)


هذا أنموذج الأخوة الصادقة، والبنيان الاجتماعي السليم بعيدا عن الشعارات البراقة، وترفعا عن القبلية التي كانت سائدة متناحرة، وعن معايير التفاضل البشري التي يحتكم إليها الكثير من أجل الاستعلاء والتسلط والنهب·


وتظهر الآيات الكريمة صدق الأخوة بين المهاجرين والأنصار، لا تلوثه أطماع ولا حب دنيا، ولا أثرة، ولا شح أو حرص، ولا حاجة إنماهو أخوة تدور بين سلامة الصدر والإيثار·


وتأتي هذه الآيات الكريمة بعد موقف قد يذل أعناق الرجال ويغير المبادئ والثوابت عند البعض فقد فتح الله على المسلمين وأخرج بني النضير وأفاء عليهم بأموالهم، وقد دعا رسول الله [ الأنصار وشكرهم فيما صنعوا مع المهاجرين في إنزالهم إياهم منازلهم وإشراكهم في أموالهم ثم قال: {إن أحببتم قسمت ما أفاء الله علي من بني النضير بينكم وبينهم، وكان المهاجرون على ما هم عليه من السكنى في مساكنكم وأموالكم، وإن أحببتم أعطيتهم وخرجوا من دوركم}· فقال سعد بن عبادة وسعد بن معاذ: بل نقسمه بين المهاجرين، ويكونون في دورنا كما كانوا· ونادت الأنصار: رضينا وسلمنا يا رسول الله، فقال رسول الله [: (اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار)· وأعطى رسول الله [ المهاجرين ولم يعط الأنصار شيئاً إلا ثلاثة ذكروا له لفقرهم(1)·


لم يكن ما تقدم تسجيلا لموقف سياسي من الأنصار ينتظرون بعده مغنما أكبر، أو أضمروا في أنفسهم شيئا أخفوه حرجا من رسول الله [ وإنما أخبر من يعلم السر وأخفى أنه لا يوجد في صدورهم حاجة من ضغينة أو حسد، وأنهم آثروا على أنفسهم وليس مرتبطا بحال يسرهم لكنه مع الحاجة الشديدة التي تختل بها الحال·


وهكذا تبرز لنا تلك الآيات معالم الأخوة الصادقة:


- أخوة العقيدة والإيمان، لا أخوة المصالح والمغانم، وإنما قوم تلاقوا في الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها، أحبوا في الله وأبغضوا الله، وأعطوا لله ومنعوا لله، فدامت وأثمرت، واستحق المهاجرون وصف الصادقين واستحق الأنصار وصف المفلحين·


وقد تواترت الأدلة على وجوب قيام الأخوة على العقيدة والإيمان وأثر ذلك في الدنيا والآخرة منها:


- في الصحيحين عن أنس بن مالك ] عن النبي [ قال: ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار(2)·


- وفيهما عن أبي هريرة عن النبي [ قال: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في عبادة ربه ورجل قلبه معلق في المساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة أخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه(3)·


- وفي مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله [: إن الله يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي(4)·


- وعنده عن أبي هريرة عن النبي [ أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرصد الله له على مدرجته ملكا فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخا لي في هذه القرية· قال: هل لك عليه من نعمة تربها؟

قال: لا غير أني أحببته في الله عز وجل· قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه(5)·

- وعند الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله [ من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا· قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب(6)·


- وعنده عن معاذ بن جبل قال سمعت رسول الله [ يقول: قال الله عز وجل: {المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء} وفي الباب عن أبي الدرداء وابن مسعود وعبادة بن الصامت وأبي هريرة وأبي مالك الأشعري قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح(7)·


- وعند أبي داود أن عمر بن الخطاب قال قال النبي [ إن من عباد الله أناسا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله تعالى قالوا يا رسول الله تخبرنا من هم قال هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها فوالله إن وجوههم لنور وإنهم على نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس وقرأ هذه الآية {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون}(8)·


- وعنده عن أبي ذر قال: قال رسول الله [ أفضل الأعمال الحب في الله والبغض في الله(9)·


فهذه الأدلة تبرز أهمية الالتقاء على العقيدة وهي التي صنعت هذا النسيج القوي من المهاجرين والأنصار وكانوا من قبل متناحرين أعداء، فالمهاجرون أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا، والأنصار تبوءوا الدار والإيمان، فكان من فضل الله عليهم هذا التآخي {واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها}(آل عمران، 103)·


إن التآخي الاجتماعي إذ يقوم على غير عقيدة كمصالح، أو قوميات أو حدود جغرافية أو إقليمية أو غير ذلك سرعان ما يصيبه العطب ويصبح إخوان اليوم أعداء الغد، ويتحول الإخوان إلى فرقاء تتحول سهامهم إلى صدور بعضهم بدلا من صدر عدوهم·


- أخوة تقوم على الحب والود


وهذه ثمرة للأخوة التي تقوم على العقيدة والإيمان {يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}·


والحب ليس كلمة أو أنشودة تقال وإنما له ضوابطه العملية التي تظهر صدقه وآثاره فبدايته سلامة الصدر من الحسد والظلم والضغينة والغل والغش والأثرة والتعالي والتكبر واصطياد الأخطاء ونهايته الإيثار وأن يرى المسلم إخوانه أولى بنفسه من نفسه لأنه إن لم يكن بهم فلن يكن بغيرهم وهم إن لم يكونوا به كانوا بغيره·


وفي هدي النبي [ ما يوضح سلامة الصدر وأنه ليس مجرد معنى نفسي أو شعار يقوله الأخ أنه سليم الصدر وإنما له ما يفصح عنه في القول والعمل·


في الصحيحين عن أنس بن مالك أن رسول الله [ قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث(10)·


عند البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله [: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا(11)·


وعند مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله [ قال: لا تهجروا ولا تدابروا ولا تحسسوا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا(12)·


وعنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله [: لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه(13)·


وعند الترمذي {المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله·· قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب (14)·


وفيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله [: إن أحدكم مرآة أخيه فإن رأى به أذى فليمطه عنه(15)·


وفيه عن أبي هريرة عن النبي [ قال: من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر في الدنيا يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر على مسلم في الدنيا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه· قال أبو عيسى هذا حديث حسن (16)


وفيه عن أنس عن النبي [ قال: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه قال هذا حديث صحيح (17)·


هذه التوجيهات الحكيمة توقفنا على أهمية المحافظة على العلاقة الأخوية من أن تكدرها كلمة نابية أو فاحشة أو سوء ظن أو تنافس غير مشروع في المعاملات المالية أو على خطبة امرأة أو غير ذلك، ومجاوزة هذه التوجيهات تقضي عليها مهما كانت متانتها وقوتها ومن هنا كان هذا التشديد ووضوح الضوابط التي تيسر القضاء على الخلاف قبل أن يستعر ويشتعل·


أما الإيثار الذي هو تقديم الغير على النفس وذلك ينشأ عن قوة اليقين، وتوكيد المحبة، فسطر التاريخ في أنصع صفحاته أروع الأمثلة التي ضربها المهاجرون والأنصار ومن تبعهم بإحسان في الإيثار لا بالمال فقط بل بأنفسهم من أجل إخوانهم وقائدهم·


في الصحيح قال عبدالرحمن بن عوف ] لما قدمنا المدينة آخى رسول الله [ بيني وبين سعد بن الربيع فقال سعد بن الربيع إني أكثر الأنصار مالا فأقسم لك نصف مالي وانظر أي زوجتي هويت نزلت لك عنها فإذا حلت تزوجتها قال فقال له عبدالرحمن لا حاجة لي في ذلك هل من سوق فيه تجارة(18)·


وعند مسلم عن أبي هريرة قال جاء رجل الى رسول الله [ فقال إني مجهود فأرسل إلى بعض نسائه فقالت والذي بعثك بالحق ماعندي إلا ماء ثم أرسل الى أخرى فقالت مثل ذلك حتى قلن كلهن مثل ذلك لا والذي بعثك بالحق ما عندي الا ماء فقال من يضيف هذا الليلة رحمه الله فقال رجل من الأنصار أنا يا رسول الله فانطلق به إلى رحله فقال لامرأته هل عندك شيء قالت لا إلا قوت صبياني قال فعلليهم بشيء فإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج وأريه أنا نأكل فإذا أهوى ليأكل فقومي إلى السراج حتى تطفئيه قال فقعدوا وأكل الضيف فلما أصبح غدا على النبي [ فقال قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة(19)·


ويذكر الترمذي أن قوله تعالى: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}نزلت مع هذه الواقعة(20)·


فهي أخوة بذل وعطاء لا أخوة أخذ، أخوة مغرم لا مغنم، أخوة عفة، فالأخ يعطي ولا ينتظر المقابل، ولايمن بعطاء، ومن يعط يستعف أولا إن كان عنده أو في مقدرته العمل (هل من سوق)


وهذا الحب والصفاء بمعانيه الكاملة أثمر التراحم فيما بينهم والتواضع والعفو وذلة بعضهم لبعض كما قال تعالى {والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم}(الفتح، 29) {أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين}(المائدة، 54) والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم}(الحشر،10)·


ثالثا: الوحدة والاعتصام، وحري بمن جمعتهم العقيدة والإيمان، وتلاقوا على حب وصفاء أن يجتمعوا ولا يتفرقوا، وأن يتحدوا ولا يتمزقوا مهما اختلفت البطون والألسنة ومهما باعدت بينهم الأماكن، فهم جنود مجندة متعارفون متآلفون، لا يشق وحدتهم منصب ولا جاه ولا مغنم، ولم يعرفوا ما يسمى باصطلاحنا الشللية والجيوب، وإنما هم كما أراد الإسلام منهم جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، بنيان مرصوص متين، بعضهم أولياء بعض يعرفون أن الذئب يأكل من الغنم القاصية، يستوعبون جيدا قوله تعالى {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها}(آل عمران،103)·


كانت هذه صورة وضيئة للأخوة قدمتها الآيات الكريمة، وفي مقابلها صورة مظلمة للإخاء تقوم على الغش والخداع والكذب والتضليل والمزايدة والشعارات كالزبد ليس له أصل، مظهرها العناق الطويل وبسط الكف ثم تدبير المكائد والمصائب، أصحابها لهم أكثر من وجه يقابلون هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه، إذا لقوا الذين آمنوا قالوا امنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم، يحسبون كل صيحة عليهم، عند الجد والنزال وطلب المعونة يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا، تشغلهم أموالهم وأهلوهم، يفرحون بتخلفهم، كثيروا الاعتذارات، يحزنون لمسرة غيرهم ويفرحون لمصابهم، قولهم معسول وجميل تحب سماعه ولا تمل منه، وصورهم وضيئة وداخلهم قبيح، يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، يكثرون عند الطمع ويقلون عند الفزع {ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون· لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون}(الحشر 11-12)·


يقول الطبري:(يقول الله تعالى ذكره لنبيه محمد [: ألم تنظر بعين قلبك يامحمد، فترى إلى الذين نافقوا وهم فيما ذكر عبدالله بن أبي ابن سلول، ووديعة، ومالك ابنا نوفل وسويد وداعس بعثوا إلى بني النضير حين نزل بهم رسول الله [ للحرب أن اثبتوا وتمنعوا، فإنا لن نسلمكم، وإن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن خرجتم خرجنا معكم، فتربصوا لذلك من نصرهم، فلم يفعلوا، وقذف الله في قلوبهم الرعب··· >21<·


لقد قالها من قبل هؤلاء إبليس عليه اللعنة عندما هيج قريشا في بدر ووعدهم بالمؤازرة {وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لاغالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون} >الانفال -48<·


تلك هي الصورة الممقوتة للعلاقات الاجتماعية التي تقوم على الزيف والكذب والتغرير، وتفتقد الصدق والوضوح، فريق أو أمة أو جماعة هذا شأنها جدير بها أن تلقى الهوان والصغار، وأن تخرب دورها وحضارتها وبناؤها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وقد حدث·


إننا عندما نقارن بين الصورتين الأولى التي تنضح صدقا وحبا وصفاء وسلامة قلب والثانية المبنية على الكذب والزيف نجد أن الفارق بينهما هو الفرق بين البناء والهدم، بين السلامة والعطب، بين الاستقرار والاضطراب، بين التقدم والرقي والنهضة وبين التخلف والتأخر·


نسأل الله الصدق في القول والعمل والإخلاص في السر والعلن إنه على كل شيء قدير·


=================

المصدر : مجلة الوعى الإسلامى -- : : : العدد رقم487: : 19 - 7 - 2006م

الهوامش

1- الجامع لأحكام القرآن لأبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي - تفسير سورة الحشر - مناهل العرفان بيروت، وانظر سنن أبي داود - كتاب الخراج والإمارة والفيء - باب صفايا رسول الله [ من الأموال - رقم 2971 ·
2- الحديث أخرجه البخاري في كتاب الإيمان - باب حلاوة الإيمان رقم 16 ترقيم فتح الباري، ومسلم - كتاب الإيمان- باب خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان - رقم 43 ترقيم عبدالباقي·
3- البخاري - كتاب الأذان - من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد رقم 660، مسلم- كتاب الزكاة - فضل إخفاء الصدقة - رقم 1031 ·
4- مسلم - كتاب البر والصلة والآداب - باب فضل الحب في الله -رقم 2566، المسند للإمام أحمد - مسند المكثرين - مسند أبي هريرة - رقم 9036 ترقيم دار إحياء التراث·
5 - مسلم- كتاب البر والصلة- باب فضل الحب في الله - رقم 2567 ·
6- الترمذي - كتاب البر والصلة - باب زيارة الإخوان - رقم - 2008 ترقيم أحمد شاكر، ابن ماجه - كتاب الجنائز - باب ثواب من عاد مريضا - ترقيم عبدالباقي·
7- مسلم - كتاب البر والصلة- باب الحب في الله - رقم 2566، أحمد - مسند المكثرين - مسند أبي هريرة - رقم 10401 ·
8- أبو داود- كتاب البيوع - باب الرهن رقم 3527 ترقيم محي الدين، وقد ذكر صاحب عون المعبود أن لاوجه لذكر هذا الحديث في هذا الباب، ولعل الوجه : ذكر الأموال التي يتعاطونها·
9- أبو داود- كتاب السنة - باب مجانبه أهل الأهواء وبغضهم - 4599 ·
10- البخاري - كتاب الأدب- باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر - رقم 6065، مسلم كتاب البر والصلة والآداب - باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر - رقم 2559 ·

11- البخاري- كتاب النكاح - باب لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع - رقم 5144 ·

12 - مسلم - كتاب البر والصلة والآداب - باب تحريم الظن والتجسس والتنافس والتناجش - رقم 2563 ·
13- مسلم - كتاب البر والصلة والآداب - باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر - رقم 2559 ·
14- الترمذي - كتاب البر والصلة - باب شفقة المسلم على المسلم - رقم 1927 ·
15- الترمذي - كتاب البر والصلة - باب شفقة المسلم على أخيه المسلم - رقم 1929 ·
16- الترمذي - كتاب البر والصلة - باب التستر على المسلم - رقم 1930، أبو داود كتاب البر والصلة - باب المعونة للمسلم- رقم 4946 ·
17- البخاري - كتاب الإيمان - باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه - رقم 13، مسلم - كتاب الإيمان- باب الدليل على أن خصال الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه - رقم 45 ·
18 - البخاري - كتاب البيوع - ما جاء في قوله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة} - رقم 2048 ·
19 - مسلم - كتاب الأشربة - باب إكرام الضيف وإثاره - رقم 2054 ·
20- الترمذي - كتاب تفسير القرآن - تفسير سورة الحشر - 3304 ·
21 - جامع البيان عن تأويل القرآن - أبي جعفر محمد بن جرير الطبري - تفسير سورة الحشر - دار المعارف - مصر·

ليست هناك تعليقات:

« كَفَّارَةُ المَجْلِسِ »

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ في مَجْلِسِهِ ذَلِكَ » .