مفاتيح سورة الواقعة |
56 ــ الواقعة ـــ اسم السورة وهذه السورة تُسمى بـ 1ـ سورة الواقعة (1). وذلك : لمفتتحها (2)، ولأنها: مملوءة بوقائع القيامة، التي هي الواقعة العظمى، لوقوعها في أشد الأحوال (3). 2ـ سورة الغنى (4). وذلك : لما أخرجه الديلمي عن أنس ، قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "علموا نساءكم سورة الواقعة ، فإنها سورة الغنى " (4). ------------------------ عدد : آياتها ، وكلماتها ، وحروفها (5)آياتها : (96) ست وتسعين آية . كلماتها : (378) ثلاثمائة وثمان وسبعون كلمة. حروفها : (1703) ألف وسبعمائة وثلاثة أحرف. --------------------------------- ترتيبها مكية .. إلا 81 ، 82 مدنيتان. أ ـ في المصحف .. بعد : سورة "الرحمن" ، وقبل: سورة "الحديد". ب ـ في النزول .. بعد : سورة "طه " ، وقبل : سورة "الشعراء". ---------------------------- ما ورد في فضلها حديث ابن مسعود " من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة : لم تصبه فاقة أبداً " (6). في حاشية الشهاب على البيضاوي " هذا الحديث : ليس بموضوع، وقد رواه البيهقي وغيره " (7). ------------------------ تناسبها مع " الرحمن " (8) 1ـ إذا كانت سورة "الرحمن" : قد ذكرت في خواتيمها ، ثلاثة أصناف من الناس، مجرمين، وسابقين، وأهل عين ... يشير إلى ذلك قوله تعالى (يعرف المجرمون بسيماهم .. ) (9) وقوله تعالى (ولمن خاف مقام ربه جنتان .. ) (10) وقوله تعالى (ومن دونهما جنتان ) (11) .. !! فإن سورة "الواقعة" : قد بدأت بذكر هذه الأصناف الثلاثة ، في قوله تعالى (وكنتم أزواجاً ثلاثة : فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة ، والسابقون السابقون أولئك المقربون) (12) 2ـ إذا كانت سورة "الرحمن" : قد تحدثت عن يوم القيامة، واقتصرت من أوصافها على ذكر انشقاق السماء، كما في قوله تعالى (فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان) (14).. !! فإن سورة "لواقعة" قد تحدثت ـ كذلك ـ عن يوم القيامة ، واقتصرت من أوصافها على ذكر المقابل لما ذكرته "الرحمن" ، حيث يقول تعالى (إذا رجت الأرض رجاً * وبست الجبال بساً * فكانت هباءً منبثاً ) (15). وكأن السورتين ـ لتلازمهما واتحادهما ـ سورة واحدة ؛ حيث ذكر في كل منهما شيئاً . ------------------------- تناسبها مع " الرحمن " (16) إذا كانت سورة "الرحمن" : قد ذكر فيها ، على الترتيب المذكور: 1ـ الشمس والقمر، في قوله تعالى (والشمس والقمر بحسبان) الآية (17). 2ـ النبات ، في قوله تعالى (فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام * والحب ذو العصف والريحان) (18). 3ـ خلق الإنسان ، في قوله تعالى (خلق الإنسان من صلصال كالفخار) (19). 4ـ القيامة والجنة والنار ، في قوله تعالى (فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان) (20) إلى آخر السورة .. !! إذا كان ذلك كذلك .. !! فإن سورة "الواقعة" : قد ذكرت فيها هذه الأشياء ، ولكن ليس على الترتيب السابق، بل على عكسه، ولنرى ذلك في سورة الواقعة مع مقارنة الترتيب في السورتين، فقد ذكر في الواقعة ، على الترتيب. 1ـ القيامة والجنة والنار ، في قوله تعالى (إذا وقعت الواقعة) وهي يوم القيامة .. الآية الأولى ، وحتى الآية (56) . 2ـ خلق الإنسان .. في قوله تعالى (نحن خلقناكم فلولا تصدقون * أفرأيتم ما تمنون * أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون) الآيات 57 ـ 59. 3ـ النبات : في قوله تعالى ( أفرأيتم ما تحرثون * أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون * لو نشاء لجعلناه حطاماً فظلتم تفكهون) (22) . 4ـ النجوم ـ في قوله تعالى (فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعلمون عظيم) (23) . والشمس : نجم كما هو معلوم. ونلاحظ : أنه سبحانه .. قد ذكر في أول هذه السورة ما ذكره في آخر تلك، وفي آخر هذه ما ذكره في أول تلك . وهذا لون من ألوان التفنن البلاغي الذي كان يستعمله العرب، ولكن ليس بهذه الروعة التي بهرتهم وعجزوا أمامها. وهو المسمى : برد العجز على الصدر. وهذا كما هو واضح من أقوى الدلائل على : تلازم السورتين، واتحادهما، وقوة الترابط والتناسب بينهما. ------------------------ هدف السورة تصوير بعض أحوال يوم القيامة، وبيان أصناف الناس وجزائهم فيه، وإقامة الحجة على مجئ هذا اليوم. ----------------------------- تقسيمها (0) تتكون هذه السورة من : ثلاثة ـ أقسام ـ . القسم الأول : عبارة عن (56) آية. من الآية الأولى ، حتى نهاية الآية (56). وفيه : الحديث : عن يوم القيامة ، وذكر بعض أهواله. والحديث عن أصناف الناس في هذا اليوم العظيم، (وكنتم أزواجاً ثلاثة) : المقربون .. وبيان حالهم (في جنات النعيم) وما هم فيه من نعيم مقيم، وسعادة أبدية. وأصحاب اليمين .. وبيان حالهم ، وما هم فيه من نعيم مقيم ، وسعادة أبدية. وأصحاب الشمال .. وبيان حالهم ، وما هم فيه من عذاب مقيم، بعد أن كانوا قبل ذلك مترفين ) في الدنيا ، مشركين ، منكرين للبعث، ضالين. والقسم الثاني : عبارة عن (18) آية. من الآية (55) حتى نهاية الآية (74). وفيه : مناقشة هذا الصنف الثالث فقط من أصناف الناس يوم القيامة، وهم : أصحاب الشمال .. في موقفهم، وبيان أنهم في ضلال مبين. وذلك من خلال حجج أربع يسوقها لهم رب العزة في هذا القسم من السورة .. وكلها تبدأ بقوله سبحانه لهم (أفرأيتم) .. وهذه هي الحجج الأربع : الحجة الأولى : ( أفرأيتم ما تمنون * أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون * نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين * على أن نبدل أمثالكم وننشئكم فيما لا تعلمون* ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون) (1) .. !! ؟؟ . الحجة الثانية : ( أفرأيتم ما تحرثون * أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون * لو نشاء لجعلناه حطاماً فظلتم تفكهون * إنا لمغرمون* بل نحن محرومون) .. !! ؟؟. الحجة الثالثة : ( أفرأيتم الماء الذي تشربون * أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون * لو نشاء جعلناه أجاجاً فلولا تشكرون ) .. !! ؟؟ . الحجة الرابعة : ( أفرأيتم النار التي تورون * أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشؤن * نحن جعلناها تذكرة ومتاعاً للمقوين ) .. !! ؟؟ وفي نهاية هذا القسم : أمر للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن ينزه اسم الله الأعظم عما يقولونه من افتراءات وأكاذيب (فسبح باسم ربك العظيم ). وبهذا : قامت الحجة على فساد مواقف أهل الشمال ، واتضح جلياً سلامة موقف المقربين ، وموقف أهل اليمين. والقسم الثالث : عبارة عن (22) آية. من الآية (75) حتى نهاية الآية (96) وهي خاتمة آيات السورة . وفيه : القسم على أن القرآن .. كتاب كريم ، لا يمسه إلا المطهرون ، وأنه (تنزيل من رب العالمين). وإنكار على من يكذب ويكفر بهذا القرآن الكريم. وإنكار على من لا يؤدي شكر رزق الله بالعبادة، بل بالتكذيب ، والكفر بهذا الرازق سبحانه. وبيان لحال الإنسان عموماً عند الموت. وتقسيم لأصناف الناس يوم الموت، وأحوالهم، وما هم فيه آنذاك. فإما أن يكون (من المقربين) : (فروح وريحان وجنة نعيم). وإما أن يكون (من أصحاب اليمين) : (فسلام لك من أصحاب اليمين). وإما أن يكون (من المكذبين الضالين) : (فنزل من حميم وتصلية جحيم). وإذا كان تكذيبهم بالقرآن : أمراً عظيماً .. !! وإذا كان كفرهم وعدم شكرهم الرازق سبحانه : أمراً عظيماً .. !! وإذا كان الموت، والحال عند الموت : أمراً عظيماً .. !! فإن هذا القسم : يختم ـ وكذلك السورة ـ بأمر المولى للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالتسبيح (فسبح باسم ربك العظيم) مرة أخرى . --------------------- دروس وفوائد 1ـ قال الإمام ابن الأثير في (المثل السائر) في النوع الحادي عشر من المقالة الثانية ، في بحث ورود لام التوكيد في الكلام، وأنها لا تجئ إلا لضرب من المبالغة، في سر مجئ اللام في قوله تعالى ( لجعلناه حطاماً ) دون قوله (جعلناه أجاجاً) ما مثاله : أدخلت اللام في آية المطعوم، دون آية المشروب. وإنما جاءت كذلك ، لأن جعل الماء العذب ملحاً ، أسهل إمكاناً في العرف والعادة. والموجود من الماء الملح، أكثر من الماء العذب، وكثيراً ما إذا جرت المياه العذبة على الأراضي المتغيرة التربة، أحالتها إلى الملوحة، فلم يحتج في جعل الماء العذب ملحاً، إلى زيادة تأكيد. فلذلك لم تدخل عليه لام التأكيد المفيدة زيادة التحقيق . وأما المطعوم فإن جعله حطاماً من الأشياء الخارجة عن المعتاد، وإذا وقع فلا يكون إلا عن سخط من الله شديد، فلذلك قرن بلام التأكيد، زيادة في تحقيق أمره، وتقرير إيجاده . انتهى (25). 2ـ (الطاهر) يطلق بالاشتراك على المؤمن ـ والطاهر من الحدث الأكبر والأصغر ـ ومن ليس على بدنه نجاسة. ويدل لإطلاقه على الأول قول الله تعالى (26) : (إنما المشركون نجس) وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبي هريرة (27) : المؤمن لا ينجس. وعلى الثاني (28) (وإن كنتم جنبا فاطهروا) وعلى الثالث : قوله (29) ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المسح على الخفين : دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين. وعلى الرابع : الإجماع على أن الشئ الذي ليس عليه نجاسة حسية ولا حكمية يسمى طاهراً. وقد ورد إطلاق ذلك في كثير. فمن أجاز حمل المشترك على جميع معانيه، حمله عليها هنا. والمسألة مدونة في الأصول، وفيها مذاهب. والذي يترجح أن المشترك مجمل فيها، فلا يعمل به حتى يبين . وقد وقع الإجماع على أنه لا يجوز للمحدث حدثاً أكبر أن يمس المصحف. وخالف في ذلك داود. استدل المانعون للجنب بقوله تعالى : ( لا يمسه إلا المطهرون) وهو لا يتم إلا بعد جعل الضمير راجعاً إلى القرآن، والظاهر رجوعه إلى الكتاب، وهو اللوح المحفوظ ، لأنه الأقرب. و(المطهرون) الملائكة. ولو سلم عدم الظهور، فلا أقل من الاحتمال، فيمتنع العمل بأحد الأمرين، ويتوجه الرجوع إلى البراءة الأصلية. ولو سلم رجوعه إلى القرآن على التعيين، لكانت دلالته على المطلوب، وهو منع الجنب من مسه،غير مسلمة. لأن المطهر من ليس بنجس، والمؤمن ليس بنجس دائماً، لحديث : المؤمن لا ينجس . وهو متفق عليه. فلا يصح حمل المطهر على من ليس بجنب أو حائض أو محدث أو متنجس بنجاسة عينية، بل يتعين حمله على من ليس بمشرك، كما في قوله تعالى (إنما المشركون نجس) لهذا الحديث ، ولحديث النهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو. ولو سلم صدق اسم (الطاهر) على من ليس بمحدث حدثاً أكبر أو أصغر، فقد عرفت أن الراجح كون المشترك مجملاً في معانيه، فلا يعين حتى يبين. وقد دل الدليل ههنا أن المراد به غيره، لحديث (المؤمن لا ينجس) . ولو سلم عدم وجود دليل يمنع من إرادته ، لكان تعيينه لمحل النزاع ترجيحاً بلا مرجح، وتعيينه لجميعها استعمالاً للمشترك في جميع معانيه، وفيه الخلاف. ولو سلم رجحان القول بجواز الاستعمال للمشترك في جميع معانيه، لما صح ، لوجود المانع، وهو حديث: المؤمن لا ينجس. واستدلوا أيضاً بحديث عمرو بن حزم المتقدم، وأجيب بأنه غير صالح للاحتجاج . لأنه من صحيفة غير مسموعة، وفي رجال إسناده خلاف شديد، ولو سلم صلاحيته للاحتجاج، لعاد البحث السابق في لفظ (طاهر) وقد عرفته. قال السيد العلامة محمد بن إبراهيم الوزير : إن إطلاق اسم النجس على المؤمن الذي ليس بطاهر من الجنابة أو الحيض أو الحدث الأصغر ، لا يصح لا حقيقة ولا مجازاً ولا لغة. صرح بذلك في جواب سؤال ورد عليه . فإن ثبت هذا فالمؤمن طاهر دائماً ، فلا يتناوله الحديث، سواء كان جنباً أو حائضاً أو محدثاً، أو على بدنه نجاسة. فإن قلت : إذا تم ما تريد من حمل ( الطاهر) على من ليس بمشرك، فما جوابك فيما ثبت في المتفق عليه من حديث ابن عباس (30) أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كتب إلى هرقل عظيم الروم : أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإنما عليك إثم الأريسيين. (31) (يآ أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة ..) إلى قوله : (مسلمون) مع كونهم جامعين بين نجاستي الشرك والاجتناب ووقوع اللمس منهم له معلوم ؟ قلت : أجعله خاصاً بمثل الآية والآيتين، فإنه يجوز تمكين المشرك من مس ذلك المقدار، لمصلحة ، كدعائه إلى الإسلام. ويمكن أن يجاب عن ذلك بأنه قد صار باختلاطه بغيره لا يحرم لمسه ، ككتب التفسير، فلا تخصص به الآية والحديث. إذا تقرر لك هذا ، عرفت عدم انتهاض الدليل على منع من عدا المشرك، وقد عرفت الخلاف في الجنب. وأما المحدث حدثاً أصغر، فذهب ابن عباس والشعبي والضحاك وزيد بن علي والمؤيد بالله والهادوية وقاضي القضاة وداود إلى أنه يجوز له مس المصحف. وقال القاسم وأكثر الفقهاء والإمام يحيى : لا يجوز . واستدلوا بما سلف، وقد سلف ما فيه . انتهى كلام الشوكاني. 3ـ في لطف دلالة هذه الآية وما تشير إليه من العلم المكنون. قال الإمام ابن القيم في (أعلام الموقعين) في مباحث أمثال القرآن الكريم، ما مثاله: الواجب فيما علق عليه الشارع الأحكام من الألفاظ والمعاني، أن لا يتجاوز بألفاظها ومعانيها، ولا يقصر بها، ويعطي اللفظ حقه، والمعنى وقد مدح الله تعالى أهل الاستنباط في كتابه ، وأخبر أنهم أهل العلم. ومعلوم أن الاستنباط إنما هو استنباط المعاني، والعلل، ونسبة بعضها إلى بعض، فيعتبر ما يصح منها بصحة مثله وشبهه ونظيره، ويلغي ما لا يصح، هذا الذي يعقله الناس من الاشتنباط. قال الجوهري : الاستنباط كالاستخراج ، ومعلوم أن ذلك قدر زائد على مجرد فهم اللفظ ، فإن ذلك ليس طريقة الاستنباط، إذ موضوعات الألفاظ لا تنال بالاستنباط، وإنما تنال به العلل والمعاني والأشباه والنظائر، ومقاصد المتكلم . والله سبحانه ذم من سمع ظاهراً مجرداً فأذاعه وأفشاه ، وحمد من استنبط من أولي العلم حقيقته ومعناه. يوضحه أن الاستنباط استخراج الأمر الذي من شأنه أن يخفى على غير مستنبطه، ومنه استنباط الماء من أرض البئر والعين. ومن هذا قول (32) علي بن أبي طالب ـ رضى الله عنه ـ ، وقد سئل : هل خصكم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بشئ دون الناس ؟ فقال : لا ، والذي فلق الحبة ، وبرأ النسمة، إلا فهماً يؤتيه الله عبداً في كتابه ! ومعلوم أن هذا الفهم قدر زائد على معرفة موضوع اللفظ وعمومه أو خصوصه، فإن هذا قدر مشترك بين سائر من يعرف لغة العرب، وإنما هذا فهم لوازم المعنى ونظائره، ومراد المتكلم بكلامه، ومعرفة حدود كلامه، بحيث لا يدخل فيها غير المراد ولا يخرج منها شئ من المراد. وأنت إذا تأملت قوله تعالى(33) : (إنه لقرءان كريم* في كتاب مكنون* لا يمسه إلا المطهرون) وجدت الآية من أظهر الأدلة على نبوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وأن القرآن جاء من عند الله وأن الذي جاء به روح مطهرة ، فما للأرواح الخبيثة عليه سبيل، ووجدت الآية أخت قوله (34) (وما تنزلت به الشياطين * وما ينبغي لهم وما يستطيعون) ووجدتها دالة بأحسن الدلالة على أنه لا يمس المصحف إلا طاهر، ووجدتها دالة أيضاً بألطف الدلالة على أنه لا يجد حلاوته وطعمه إلا من آمن به، وعمل به ، كما فهمه البخاري من الآية ، فقال في صحيحه في باب (35) (قل فأتوا بالتوراة فاتلوها) : (لا يمسه ) لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن بالقرآن ، ولا يحمله بحقه إلا المؤمن لقولن (36) (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً ) وتجد تحته أيضاً : لا ينال معانيه ويفهمه كما ينبغي ، إلا القلوب الطاهرة، وإن القلوب النجسة ممنوعة من فهمه، مصروفة عنه. فتأمل هذا السبب القريب، وعقد هذه الأخوة بين هذه المعاني وبين المعنى الظاهر من الآية، واستنباط هذه المعاني كلها من الآية بأحسن وجه وأبينه . فهذا من الفهم الذي أشار إليه عليّ ـ رضى الله عنه ـ . انتهى . * * * المراجع والهوامش ـــ 1ـ السخاوي .. جمال القراء 1/37، الفيروز أبادي .. بصائر ذوي التمييز 1/450، البقاعي .. نظم الدرر (س : 56) ، السيوطي .. الإتقان (النوع : 17) ، القاسمي .. محاسن التأويل (س: 56) . 2ـ الفيروز أبادي ( مصدر سابق ). 3ـ القاسمي .. (مصدر سابق). 4ـ الشوكاني .. فتح القدير (س: 56). 4ـ ..... ؟ 5ـ انظر : مكي .. التبصرة ص 343 ، السخاوي .. جمال القراء 1/220، الفيروز أبادي .. بصائر 1/450 ، الألوسي .. روح المعاني (س: 56) ، نثر المرجان 7/162. 6ـ .... ؟ 7ـ بصائر 1/452. 8ـ الأساس 1( 5674. 9ـ الرحمن / 41. 10ـ الرحمن /46. 11ـ الرحمن / 62. 12ـ الواقعة / 7 ـ 11. 13ـ انظر : الألوسي .. روح المعاني (س: 56). 14ـ الرحمن / 37. 15ـ الواقعة / 4 ـ 6. 16ـ انظر : الألوسي .. روح المعاني (س: 56). 17ـ ... 18ـ ... 19ـ ... 20ـ ... 21ـ ... 22ـ ... 23ـ ... 24ـ انظر : الأساس 10/5684 ، وما بعدها (بتصرف كبير). 25ـ محاسن التأويل. 26ـ التوبة /28. 27ـ أخرجه البخاري في : 4ـ كتاب الغسل، 23 ـ باب عرق الجنب وأن المؤمن لا ينجس ، حديث 204. 28ـ المائدة / 6. 29ـ أخرجه البخاري في : 4ـ كتاب الوضوء، 49 ـ باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان ، حديث رقم 145 ، عن المغيرة. 30ـ أخرجه البخاري في : 1ـ كتاب بدء الوحي ، 6 ـ حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ، حديث رقم 7. 31ـ آل عمران / 64. 32ـ أخرجه البخاري في : 56 ـ كتاب الجهاد ، 171 ـ باب فكاك الأسير، حديث 95. 33ـ الواقعة / 77 ـ 79. 34ـ الشعراء / 210. 35ـ آل عمران / 93. 36ـ الجمعة / 5. * * * * * * |
إجمالي مرات مشاهدة الصفحة
السبت، 26 نوفمبر 2011
مفاتيح سورة الواقعة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق