إمامة أبي بكر الصديق |
اختلف أهل العلم في نصية الإمامة لأبي بكر الصديق من النبي صلى الله عليه وسلم ومن أدلة من قال بنصية إمامته رضي الله عنه ما يلي: الدليل الأول: ما رواه البخاري ومسلم في «صحيحيهما» عن جبير بن مطعم قال: أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن ترجع إليه، قالت: أرأيت إن جئت فلم أجدك؟ كأنها تريد الموت، قال: «إن لم تجديني فآتي أبا بكر»(58). الدليل الثاني: ما في «الصحيحين» عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب كتابًا فإني أخاف أن يتمنى متمنٍ ويقول قائل: أنا أولى» ثم قال: «ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر». وفي رواية: «فلا يطمع في هذا الأمر طامع». وفي رواية قال: «ادعي لي عبد الرحمن بن أبي بكر لأكتب لأبي بكر كتابًا لا يختلف عليه» ثم قال: «معاذ الله أن يختلف المؤمنون في أبي بكر» . الدليل الثالث: ما رواه حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اقتدوا بالَّلذين من بعدي أبي بكر وعمر» . الدليل الرابع: تقديم النبي صلى الله عليه وسلم (له في إمامة الصلاة أيام مرضه). الدليل الخامس: قوله صلى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً» . الدليل السادس: ما في «الصحيحين» عن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: «بينما أنا نائم رأيتني على قليب عليها دلو فنـزعت منها ما شاء اللَّه ثم أخذها ابن أبي قحافة فنـزع منها ذنوبًا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف واللَّه يغفر له، ثم استحالت غربًا فأخذها ابن الخطاب فلم أر عبقريا من الناس يفري فريه حتى ضرب الناس بعطن» . الدليل السابع: حديث أنس ـ رضي اللَّه عنه ـ قال: بعثني بنو المصطلق إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن سَلْه إلى من ندفع صدقاتنا بعدك؟ فأتيته فسألته فقال: «إلى أبي بكر». هذا أقوى ما استدل به القائلون بأن عقد الإمامة لأبي بكر كان بالنص. ونحن إذا تأملنا هذه الأدلة ومحصناها متجردين من التعصب للرأي ـ وجدناها لا توصل إلى ما ذهبوا إليه، وغاية ما تدل عليه فضل أبي بكر وأولويته في الخلافة، وهذا محل اتفاق بين الجميع لم يقع فيه خلاف، إنما الخلاف الذي وقع: هل الرسول صلى الله عليه وسلم عهد بالخلافة أو لم يعهد بها له؟ أما الدليل الأول وهو أن امرأة أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن ترجع إليه، قالت: أرأيت إن جئت فلم أجدك؟ ـ كأنها تريد الموت ـ قال: «إن لم تجديني فآتي أبا بكر»، فهو لا يدل على استخلاف الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر، لأنه يحتمل أن المرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم لتسأله عن مسألة علمية، أو تسأله عن حاجة دنيوية، وإذا كان الدليل محتملاً بطل الاستدلال به. وأما استدلالهم بما في «الصحيحين» عن عائشة ـ رضي اللَّه عنها ـ وعن أبيها قالت: قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب كتابًا فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل: أنا أولى»، ثم قال: «يأبى اللَّه والمؤمنون إلا أبا بكر» وفي رواية: «فلا يطمع في هذا الأمر طامع» ، وفي رواية قال: «ادعي لي عبد الرحمن بن أبي بكر لأكتب لأبي بكر كتابًا لا يختلف عليه»، ثم قال: «مَعاذ اللَّه أن يختلف المؤمنون في أبي بكر» فمعارض: أولاً: باحتمال أن يكون أراد صلى الله عليه وسلم أن يكتب لأبي بكر كتابًا يتعلق بشئون أهله من بعده أو بتوليته منصبًا دينيا كإمامة الصلاة أو غيرها. وثانيا: وهو الأقوى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكتب لأبي بكر كتابًا. أما استدلالهم بحديث حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر» فمُعارض بأنه لو دل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم نص على خلافة أبي بكر ـ للزمت الدلالة منه على أن الرسول صلى الله عليه وسلم نص على خلافة عمر، وهذا لم يقل به أحد ممن يعتد بقوله. أما استدلالهم بتقديمه عليه الصلاة والسلام لأبي بكر في الصلاة ـ فلا يلزم منه أن يكون خليفة له في الإمامة العظمى لأن إمامة الصلاة تختلف عن الإمامة العظمى وليس كل من يصلح للقيام بإمامة الصلاة يصلح لتولي الإمامة. وأما قوله عليه الصلاة والسلام: «لو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً»، وقوله عليه الصلاة والسلام أيضًا يقول:«بينما أنا نائم رأيتني على قليب عليها دلو فنـزعت منها ما شاء اللَّه ثم أخذها ابن أبي قحافة فنـزع منها ذنوبًا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف واللَّه يغفر له، ثم استحالت غربًا فأخذها ابن الخطاب فلم أر عبقريا من الناس يفري فريه حتى ضرب الناس بعطن» ـ فغاية ما فيهما الدلالة على فضل أبي بكر الصديق ـ رضي اللَّه عنه ـ وهذا محل اتفاق لا خلاف فيه؛ فاتضح بيقين أن خلافة أبي بكر الصديق كانت بالاختيار والاتفاق من الصحابة ـ رضوان اللَّه عليهم ـ وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينص على أحد بالخلافة لا لأبي بكر ولا علي ولا العباس ولا غيرهم. قال ابن تيمية رحمه اللَّه تعالى في هذه المسألة، حيث قال في «منهاج السنة»: «التحقيق أن النبي صلى الله عليه وسلم دلَّ المسلمين على استخلاف أبي بكر وأرشدهم إليه بأمور متعددة من أقواله وأفعاله، وأخبر بخلافته إخبار راض بذلك حامد له» إلى أن قال: «فخلافة أبي بكر الصديق دلت النصوص الصحيحة على صحتها وثبوتها ورضا اللَّه ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم له بها، وانعقدت بمبايعة المسلمين له واختيارهم إياه اختيارًا استندوا فيه إلى ما علموه من تفضيل اللَّه ورسوله بها وأنها حق وأن اللَّه أمر بها وقدرها، وأن المؤمنين يختارونها وكان هذا أبلغ من مجرد العهد بها، لأنه حينئذ يكون طريق ثبوتها العهد، وأما إذا كان المسلمون اختاروه من غير عهد ودلت النصوص على صوابهم فيما فعلوه ورضا اللَّه ورسوله بذلك كان دليلاً على أن الصديق كان فيه من الفضائل التي بان بها عن غيره ما علم المسلمون به أنه أحقهم بالخلافة فإن ذلك لا يحتاج إلى عهد خاص» ، ولو كانت الخلافة منصوصًا عليها لأبي بكر ـ رضي اللَّه عنه ـ من النبي صلى الله عليه وسلم لما أخذ أبو بكر بيدي عمر وأبي عبيدة بن الجراح في السقيفة وقوله: «قد اخترت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم» في القصة التي أوردها البخاري في كتاب الحدود، فلو أن هنالك عهدًا لما جاز لأبي بكر أن يحيد عنه. =============== انظر : *الفتح *صحيح البخاري( كتاب فضائل الصحابة ) * منهاج السنة النبوية |
إجمالي مرات مشاهدة الصفحة
الأحد، 11 ديسمبر 2011
إمامة أبي بكر الصديق
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق