الشيعة لغة: هم الصحب والأتباع.
ويطلق في عرف الفقهاء والمتكلمين من الخلف والسلف على: أتباع علي بن أبي طالب وبنيه رضي اللَّه عنهم.
ومذهبهم جميعًا المتفقون عليه أن الإمامة ليست من المصالح العامة التي تفوض إلى نظر الأمة، ويتعين القائم بها بتعيينهم بل هي ركن الدين وقاعدة الإسلام، ولا يجوز لنبي إغفالُهُ، ولا تفويضه إلى الأمة، بل يجب عليه تعيين الإمام لهم، ويكون معصومًا من الكبائر والصغائر، وأن عليا ـ رضي اللَّه عنه ـ هو الذي عينه صلوات اللَّه وسلامه عليه بنصوص ينقلونها ويؤولونها على مقتضى مذهبهم لا يعرفها جهابذة السنة ولا نقلة الشريعة، بل أكثرها موضوع أو مطعون في طريقه، أو بعيد عن تأويلاتهم الفاسدة.
وتنقسم هذه النصوص عندهم إلى جلي وخفي:
فالجلي مثل قوله: «من كنت مولاه فعلي مولاه»(أخرجه الترمذي: «كتاب المناقب» باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه) قالوا: ولم تطرد هذه الولاية إلا من علي، ولهذا قال له عمر: أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة، ومنها قوله: «أقضاكم علي» ولا معنى للإمامة إلا القضاء بأحكام اللَّه وهو المراد بأولي الأمر الواجبة طاعتهم بقوله: ﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ﴾ [النساء: 59] والمراد الحكم والقضاء، ولهذا كان حَكَمًا في قضية الإمامة يوم السقيفة دون غيره، ومنها قوله: «من يـبايعني على روحه وهو وصي وولي هذا الأمر من بعدي؟» فلم يـبايعه إلا علي.
ومن الخفي عندهم بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا لقراءة سورة براءة في الموسم حين أنزلت؛ فإنه بعث بها أولاً أبا بكر ثم أوحي إليه: ليـبلغه رجل منك أو من قومك، فبعث عليا ليكون القارئ المبلغ، قالوا: وهذا يدل على تقديم علي، وأيضًا فلم يعرف أنه قدم أحدًا على (علي).
وأما أبو بكر وعمر فقدم عليهما في غزوتين أسامة بن زيد مرَّةً وعمرو بن العاص مرة أخرى، وهذه كلها أدلة شاهدة بتعين علي للخلافة دون غيره، فمنها ما هو غير معروف، ومنها ما هو بعيد عن تأويلهم، ثم منهم من يرى أن هذه النصوص تدل على تعيين علي وتشخيصه، وكذلك تنـتقل منه إلى من بعده وهؤلاء هم الإمامية، ويتبرءون من الشيخين حيث لم يقدما عليا ويـبايعاه بمقتضى هذه النصوص.
ثم اختلفت أقوال هؤلاء الشيعة في مساق الخلافة بعد علي: فمنهم من ساقها في ولد فاطمة بالنص عليهم واحدًا بعد واحد ـ على ما يذكر بعد ـ وهؤلاء يسمون: الإمامية نسبة إلى مقالتهم باشتراط معرفة الإمام وتعيينه في الإيمان، وهي أصل عندهم، ومنهم من ساقها في ولد فاطمة لكن بالاختيار من الشيوخ، ويشترط أن يكون الإمام منهم عالمًا زاهدًا جوادًا شجاعًا داعيا إلى إمامته، وهؤلاء هم الزيدية نسبة إلى صاحب المذهب، وهو زيد بن علي بن الحسين السبط، وقد كان يناظر أخاه محمدًا الباقر على اشتراط الخروج على الإمام، فيلزمه الباقر أن لا يكون أبوهما زين العابدين إمامًا لأنه لم يخرج ولا تعرض للخروج، وكان مع ذلك ينعي عليه مذاهب المعتزلة، وأخذه إياها عن واصل ابن عطاء، ولما ناظر الإمامية زيدًا في إمامة الشيخين، ورأوه يقول بإمامتهما ولا يتبرأ منهما ـ رفضوه ولم يجعلوه من الأئمة، وبذلك سموا رافضة.
ومنهم من ساقها بعد علي وابنيه السبطين على اختلافهم في ذلك إلى أخيهما محمد ابن الحنفية، ثم إلى ولده، وهم الكيسانية نسبة إلى كيسان مولاه، وبين هذه الطوائف اختلافات كثيرة تركناها اختصارًا .
====================
انظر :
* الفصل في المللو الأهواء والنحل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق